الأرقام لا تكذب، كما يكذب بعض المسؤولين، وقد نطقت هذه الأرقام بالأدهى والأمرّ حيال رواتب السعوديين في القطاع الخاص: يبلغ متوسط الراتب الشهري للسعودي 6400 ريال مقارنة بمتوسط الخليجيين البالغ 15200 ريال والأوروبيين 23600 ريال، بينما متوسط راتب السعوديات، الأقل حظاً في كل شيء، فقد بلغ 3900 ريال، مقارنة بالخليجيات 8700 ريال والأوروبيات 15000 ريال. والسؤال الآن هو: ما الذي يجعل رواتب السعوديين في قطاعهم الخاص أقل من نظرائهم في الدول الشقيقة القريبة والدول الصديقة البعيده؟! والجواب هو أن قطاعنا الخاص يسرح ويمرح منذ عقود دون أن تحكمه ضوابط أو تحد من غلوائه القوانين التي تكبح جشعه وفوقيته وافتراءاته المتوالية على المواطنين. وهذا القطاع بالمناسبة، وقد وضع على رأسه ريشة، يغدق على موظفيه الأجانب ويضمن سكنهم وعلاجهم وتذاكر سفرهم هم وأبنائهم، وقد يصل كرمه إلى حد التكفل بالصرف على إجازاتهم السنوية.!! وحجة هذا القطاع، الذي ينطبق عليه مثل العنز والتيس الغريب، أن هؤلاء السابحين في نعيمه من المستقدمين يستحقون ما يصرف عليهم لأنهم خبراء لا يشق لهم غبار. وإذا افترضنا جدلا أنهم فعلا خبراء ولم يتعلموا في رؤوسنا فهل حاول (قطاع النهب المستعر) يوما أن يوطن خبرتهم ويمنحها لسعودي براتب مجز يماثل نظيره الأجنبي.؟ لقد قالت الدراسة ذاتها، رافعة من كعب المصيبة، أن نصيب السعوديين من فرص سوق العمل في البلاد لا يتجاوز 10% سنويا، بينما قدرت أن سوق التوظيف في القطاع الخاص يولد ما لا يقل عن 200 ألف فرصة سنوياً، أي أن نصيب السعوديين لا يتجاوز 20 ألف وظيفة في العام الواحد. أما الحل فهو فقط في النظر إلى التجربتين العمانية والبحرينية اللتين نجحتا في ردم فجوة الرواتب بين القطاعين الحكومي والخاص ونجحتا في زيادة نسبة التوطين في وظائف القطاع الخاص. ونحن نهدي التجربتين الشقيقتين وغيرهما من التجارب الناجحة في التوطين وزيادة الرواتب إلى وزير العمل بعيدا عن (بربسة) نطاقات وحافز وما لف لفهما. للكاتب / محمد العصيمي - صحيفة اليوم