إعياء معالي الوزير انشغلت عناوين الصحف بمتابعة حالة الإجهاد التي أصابت معالي وزير الماء حد \"الإعياء\" وتناست ما هو أهم: بشارات معاليه حول أزمة الماء التي بشر بانفراجها في القريب العاجل، لا في العاجل القريب إن كان هناك في اللغة من فرق. نسأل الله لمعاليه موفور الصحة والسلامة ونحن له ومعه \"نؤمِّن\" بتشديد الميم على أنه يتصدى للمهمة الأصعب في قضية الأمن المائي الوطني وفي جغرافية لا قدر لها أن تشرب من ماء البحر. لست \"كاتب الجبل\" ولا صوته الوحيد حتى يظن البعض - سامحهم الله - أنني أتحدث عن مشاكله، وعلى رأسها الماء، بإقليمية فجة. الفارق أنني أستخدم القلم وأستطيع شراء الأحبار فيما الآلاف من حولي جفت حلوقهم من العطش، والعطشان لا يستطيع أن يرفع الصوت. يبشرنا معالي الوزير من تحت قبة مجلس الشورى أن \"الجنوب\" سينهي معاناة الماء في منتصف عام 1431، وهو خبر من أخبار جهينة، وسننتظر معه لعام ونصف جديد يضاف إلى صبرنا الطويل لأكثر من عقد ونصف تحت أزمة الماء. وإذا كان \"الإعياء\" من الإجهاد قد أصاب معاليه لنصف ساعة، فلا بأس، أن ننقل لمعاليه حالات الإعياء الجماعي التي تنتابنا في ردهات التحلية انتظاراً لطابورنا الطويل من أجل صهريج شارد يهرب إليه المقتدرون، بأضعاف الأثمان في السوق السوداء. هنا نستأذن معاليه أن ينقذنا من مزاج \"مضخة تحلية\" واحدة تنتابها \"الحمى\" خلال أشهر الصيف، ونطلب من معاليه أن يجيبنا على السؤال: لماذا، نحن هنا، أسرى لمضخة واحدة؟ ولماذا تغتال هذه المضخة ليالي صيفنا بدخولها المزاجي إلى \"نوبات\" صيانة دورية أطول مما يتحمله المنطق لإصلاح ماكينة، مهما كانت من التعقيد والتقنية؟ لماذا عجزت مصانع الدنيا أن تؤنس وحدة هذه المضخة بأخت لها كي تتناوب معها مهمة الإجهاد والإعياء؟ نستأذن معاليه الفزعة بتحريك بارجة تحلية أُسكتنا بها يوم الأزمة ذات صيف، ثم مرت الفصول ومازالت هذه البارجة تزرع وتحرث أعالي البحار فلم تصل: نحن، صاحب المعالي، بلغ بنا الإعياء حد الإجهاد، ونحن على طابور الانتظار حتى الأزمة القادمة في الصيف القادم. علي سعد الموسى جريدة الوطن