الصحبة الأخوية الصادقة نعمة من الله تعالى على الانسان في حياته الدنيا.. وتمثل.. الاخوة الاسلامية أرفع درجات المودة والصداقة لأن مفهوم الصداقة قد يتبدل وفق المصالح الذاتية، والأهداف الدنيوية، بينما يظل مفهوم (الاخوة الاسلامية) ثابتاً على مباديء وقيم مستمدة من العقيدة الاسلامية السمحة. والسعيد من وهبه الله انساناً يكون في حياته نعم المؤانس وما أحس اجتماع القلوب على الألفة والاخاء والتعاون في سبيل الخير. قال الله تعالى : (واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا) آل عمران الاية 103. يروى ان (عروة بن الزبير) دخل بستاناً للخليفة عبدالملك بن مروان فقال عروة : ما أحسن هذا البستان! فقال عبدالملك : أنت والله أحسن منه، ان هذا يؤتي آكله كل عام، وأنت تؤتي أكلك كل يوم. هذا الموقف يكشف لنا ان التمتع باللذات المادية غير دائم، بينما السعادة الحقيقية في احساس المرء بقيمة القرب وحلاوة الاستمتاع بمحادثة الصالحين فهؤلاء يمنحونه الغذاء الروحي المفيد. يقول الشاعر : وما بقيت من اللذات إلا محادثة الرجال ذوي العقول وقد كنا نعدهم قليلاً فقد صاروا أقل من القليل | كيف تعرف من تطمع في أخوته؟! يقول (ابن السماك) حين سئل أي الاخوان أحق ببقاء المودة؟ فقال : الوافر لدينه، الوافي عقله، الذي لا يملَّك على القرب، ولا ينساك على البعد، ان دنوت منه داناك، وان بعدت عنه راعاك، وان استعنت به عضدك، وان احتجت اليه رفدك، وتكون مودة فعله أكثر من مودة قوله). | والاخوة في الله هي كما يقول احد الصالحين : (منحة قدسية، واشراقة ربانية، ونعمة إلهية، يقذفها الله في قلوب الصالحين المخلصين من عباده، والاتقياء من خلقه.. والاخوة هي : قوة ايمانية تورث الشعور العميق بالعاطفة والمحبة والثقة المتبادلة مع كل من تربطه واياه أواصر العقيدة الاسلامية، ووشائج الايمان والتقوى.. فهذا الشعور الاخوي الصادق يولد في نفس المؤمن اصدق العواطف النبيلة..). ومن شرائط الاخوة في الله (أن تكون خالصة لله، ولا يمكن أن تكون كذلك الا اذا تنزه المتآخون عن كل مصلحة ذاتية، وتجردوا من كل منفعة شخصية، فعندئذ تؤتي الاخوة أكلها، وتحقق في المجتمع ثمراتها وايجابياتها..). ومضة يقول الشاعر: وكل محبة في الله تبقى على الحالين من فرج وضيق وكل محبة فيما سواه فكالحلفاء في لهب الحريق.