ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن مئات اللاجئين السوريين يتسللون عبر الحدود الأردنية كل ليلة حاملين معهم معاناتهم الرهيبة وجروحهم العميقة. لكنهم بالنسبة لهذه المملكة المغلقة والقليلة الموارد يشكلون أعباء اقتصادية جديدة وهموما بأن الحرب المجاورة قد تمتد إلى ما وراء حدودهم. وطوال الصراع في سوريا التزم الأردن الحيادية لتفادي استعداء جارته القوية التي طالما كانت شريكا تجاريا مهما وطريق عبور للبضائع الأردنية. لكن تدفق اللاجئين السريع والحرب الممتدة عقدا هذا الوضع وبدأت المملكة تطلق تحذيرا بشأن احتمال عدم الاستقرار الإقليمي والميل المتزايد نحو المعارضين للنظام السوري. وفتح الأردن أول مخيم رسمي للاجئين السوريين قبل أسبوعين بعد أن كان قد دخل بالفعل أكثر من 140 ألف سوري فاراً من القتال. وتستغيث المملكة من أجل المساعدة الدولية مع نمو أعداد المخيمات على رقعة فسيحة من الأرض الرملية التي تلفحها الشمس الحارقة بالقرب من مدينة المفرق الشمالية. وعلى مقربة من تلك المخيمات، في موقع مغلق أمام الصحفيين، يقبع مخيم آخر يأوي الفارين من قوات الأمن السورية. وعلى مسافة نحو 75 كيلومترا جنوب العاصمة عمان يستضيف الأردن رئيس الوزراء السوري المنشق حديثا في أبرز إشارة حتى الآن على تحول موقف الأردن تجاه نظام كانت تربطه به علاقات دبلوماسية. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله المنشق رياض حجاب في مؤتمر صحفي بأن الرئيس بشار الأسد “ينهار" والثوار يكسبون أرضا. وقالت إن استضافة الأردن للاجئين والمنشقين فيها مخاطرة محتملة لدولة تشكل واحة استقرار نسبية في منطقة متقلبة، وهي السمة التي جعلتها مغناطيسا لجذب أمواج اللاجئين من حروب سابقة. ويقول المحللون والمسؤولون الأردنيون إن هناك قلقا متزايدا من انتقام سوري أو تعقب لنشطاء المعارضة داخل الأردن. وأبدى المسؤولون قلقهم أيضا بشأن التوترات الداخلية في وقت يسعى فيه الأردن لتهدئة حركة احتجاجية منخفضة المستوى تنادي بإصلاحات ديمقراطية. ونبهت الصحيفة إلى أن عبد الله الثاني ملك الأردن كان قد دعا الأسد علنا في الشهور الأخيرة للتنحي وزادت حكومته سرا المساعدة غير القاتلة لقوات المعارضة السورية. ويقول المسؤولون الأردنيون إن هناك قلقا كبيرا من احتمال قيام سوريا بتقليب الجيوب القبلية أو العرقية وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر في ولاءات المجموعات القبلية المنتشرة على الحدود السورية مع الأردن وتركيا ولبنان ويمكن أن يشكل أيضا ثغرات لتنظيم القاعدة أو منظمات إرهابية أخرى للسيطرة على مناطق معينة. ومما يثير مخاوف الأردن أيضا مصير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية. وقد قال دبلوماسيون غربيون إن الملك عبد الله كان من بين أول الداعمين لوضع خطط طوارئ مفصلة من قبل الولاياتالمتحدة وعدد من حلفائها في الشرق الأوسط لتأمين الأسلحة الكيميائية بقوات عمليات خاصة في حالة استيلاء المتشددين على أجزاء من سوريا. وفيما يتعلق بتدفق اللاجئين قال مسؤول استخبارات أميركي باحتمال حدوث أزمة حقيقية وأن “الأردن بدأ يغرق في اللاجئين". وقال بعض المحللين إن هذا التدفق يمكن أن يوفر غطاء للجواسيس السوريين أو النشطاء المسلحين.