يقول سبحانه وتعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) سورة العنكبوت (57) , ويقول سبحانه (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان (34) , ويقول سبحانه (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) سورة الزمر (30) . هذه آيات إلهية فيها من النُّذر والحكمة ما يدعو إلى الإيمان بقضاء الله وقدره ويوطن النفس المسلمة على الصبر , ويبشر المؤمن بأن رحمة الله أقرب إلى المسلمين , وإن كرمه سبحانه أعم وأجزل , ونحن من نحن إلاَّ أنفساً ولدت لتموت , وتموت لتحيا حياة الخلد نؤمل في الله أن يغفر لنا ويرحمنا ويتجاوز عن سيئاتنا بما هو أهل له سبحانه فنحن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله وهو القادر فوق عباده وما نملكه هو دمعة تسِحُّ من العيون وقلب يتوجع من الحزن وعزاء نتصبَّر به على الفقد . بالأمس القريب طوى الموت صفحة أعزاء علينا من أبناء مكةالمكرمة عشنا معهم ردحاً من الزمن نتقاسم أنفال الوقت , ونتسلى بأفانين الحياة , ونحلم بالغد السعيد ولا ندري أن المطايا تمر سراعاً وقد حملتنا إلى ربنا وهو الرؤوف الرحيم بنا, آمال كثر نسعى إلى تحقيقها .. فيخترم أعمارنا الموت ولا نملك عندها إلاَّ الرجاء في من يملك العطاء والفضل والعفو . لقد رحل عنا الأخ العزيز الأستاذ عدنان باديب “رحمه الله” وهو من تزاملنا معه فترة من العمر في رحاب الصحافة والنشر في أروقة جريدة الندوة الغراء وفي أماسي الحب الذي كنا نجتمع عليه بين الفينة والأخرى في زياراتنا لبعضنا البعض نقطع به رتابة الدهر بالعمل والأمل حتى إذا ما انتبهنا من غفلتنا رأينا الموت وقد أنشب مخالبه في أحبتنا ليترك لنا الألم والحسرة والصبر والعزاء , نبكي أحباءنا ويوماً يبكينا أحباؤنا ونمضي تزفنا أقدارنا إلى رحمة الله . رحمك الله أخي العزيز الأستاذ عدنان باديب رحمة واسعة وغفر لك ولوالدينا وللمسلمين وعوَّضك الله بجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين . وترجل عن دنيانا أخ عزيز من أصدقاء الطفولة وزملاء الدراسة الأستاذ عصام محمد نور برديسي ينشد رضوان الله ويرجو جنته بعد عمر حافلٍ بالعمل كان آخر عهدي به لقاء جمعنا في منتجع الساحلية بجدة بأبحر نتذاكر فيه الطفولة والشباب وقد تراءى بنا الهرم وهو يمُّد خيوط البياض على عوارضنا ورؤوسنا تشتعل به وكانت تجمعنا أحاديث هاتفية نروي بها غلة البعد وملالة الوقت , حتى آذن الرحيل فرحل إلى خالقه وخالقنا في لفافة الصمت والرجاء في الرحمن الرحيم وكأنَّه مَلَّ سنين الألم الإنساني ونبذ هذه الدنيا المطوية على الحقد والحسد والجحود والبغضاء ليستبدل عنها الذي هو أدنى بالذي هو خير ولا خير أعظم من الجنة رحمه الله واسكنه فسيح جناته وأكرم مثواه وأجزل له الأجر والثواب . وهذا أخي الحبيب العمدة محمود بيطار الإنسان الوفي الواصل لأهله وأصدقائه وأحبائه وهو قبل أيام مضت يهاتفني لتهنئتي على نيلي وسام ( العلم والآداب والفنون الذهبي ) من قبل الرئيس السوداني عمر البشير , ويقول لي أنت فخر لمكةالمكرمة وفخر لنا وللوطن , وطلب مني الموافقة على الاحتفاء بي في منزله وفي نادي الوحدة الرياضي وطلبت منه أن يكون الاحتفاء بعد الحج حتى يفرغ الحجيج من أداء مناسكهم ونفرغ من زحمة الحج والحجاج وتواعدنا على ذلك ولكن القدر كان أعجل وأسبق فرحل عنا في ثياب الوقار وجميل العمل وطيب الذكر إلى الرفيق الأعلى إلى حيث النعيم المقيم الذي وعد به الله الكريم , إلى الجنة بإذن الله جزاءً وفاقاً لحبه لله ورسوله وللمسلمين . رحمك الله أخي محمود وأثابك خيراً كثيراً وعوضك وعوضنا بالجنة وختم لنا بالصالحات أعمالنا وهو أرحم الراحمين . وعلى عادة الضعف الإنساني الذي ينتابنا وفيه الوهن والألم فقد ألَمَّ بي عارض صحي وهو (انزلاق غضروفي) بالرقبة ألزمني البيت ومنعني من أداء فروض العزاء فإنني أعزي أبناء وأهل الراحلين وأُعزي نفسي وأبناء مكةالمكرمة في هؤلاء الأخوة الأعزاء وأسأل المولى جلت قدرته أن يغفر لنا ولهم ولأمة الإسلام والمسلمين وأن يحشرنا وإياهم في معيَّة من رضي الله عنهم من الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (إنا لله وإنا إليه راجعون) , اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وأعمارنا اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان اللهم تقبلنا بما يرضيك وما أنت له أهل إنك نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيد الأولين والآخرين .