إحدى سنن الله تعالى الكثيرة في هذا الكون هي خلق الناس على اختلاف ألسنتهم وجعلهم شعوبا وقبائل لغرض التعارف والتحاور فيما بينهم, وهو الأمر الذي سارت عليه البشرية منذ قرون مضت وكانت سببا في نقل ثقافات وديانات وأفكار وعلوم الكثير من الشعوب من قطر إلى آخر. وحاليا ومع تضخم الثورة الإعلامية التي يمر بها واقعنا الحالي , ظهرت الكثير من القنوات المرئية والمسموعة والتي تخصص اغلب وقتها في عرض البرامج الحوارية التي تهتم بعرض الرأي والرأي الآخر , ويختلف مضمون البرنامج الحواري حسب توجه القناة فقد يكون سياسياً أو اجتماعياً أو رياضياً أو فكرياً أو حتى في أمور قد لا تستحق الحوار , ولكن وعلى الرغم من أن تلك البرامج قد خصصت للحوار إلا أننا نرى في الغالب أن جميع أطراف النقاش لا يعرفون شيئا عن الحوار سوى اسمه , فنجد الاتهامات الجزافية وتبادل الشتائم والعصبية الشديدة هي السمة الطاغية على الحوار الذي لا تهتم القناة العارضة له بمضمونه بقدر اهتمامها بالإثارة التي أضافها الضيوف للحلقة والتي قد تستهوي المشاهدين في كثير من الأحيان. وبعيدا عن انعدام آداب الحوار بين بعض الضيوف الطارئين والدائمين للبرامج الحوارية , أصاب بالذهول أحيانا حينما أرى أن الكثير من مقدمي البرامج الحوارية لا يستطيعون السيطرة على حيادهم المفترض وتظهر بوضوح اثار توجهاتهم وارائهم أثناء قيامهم بعملهم المهني وهو ما يحول الحلقة في الكثير من الأحيان إلى نوع من الجدل الذي لا فائدة منه ويجعل من مقدم البرنامج بمثابة الحكم المتحيز الذي يريد فرض رأيه بالقوة على ضيوف الحلقة وعلى جميع المشاهدين لها. ولكن ,,, يجب أن نعلم بأن للحوار نقاطاً رئيسية لا بد من احترامها حتى نصل لنقاش هادف وبناء ابسطها هو احترام الرأي الآخر رغم مخالفتك التامة له دون تهكم وتهجم على صاحبه , كما يجب على بعض مقدمي البرامج الحوارية أن يتعلموا معنى الحياد أثناء إدارتهم رأي نقاش بين ضيوف البرنامج , وأن حياز مقدم البرنامج لرأي دون الآخر سيعكس اتجاه القناة في المقام الأول , كما سيحول النقاش لنوع من أنواع المصارعة غير المتكافئة. والله من وراء القصد