قبل عام حدثت قصة وتدور أحداثها لفتاة، هذه الفتاة التي تعيش في مدينة جدة عاشت قرابة نصف عمرها في دولة أوروبية، ثم عادت إلى جدة لتكمل دراستها الجامعية وهي متأثرة بالنمط الغربي، وتلتقي بصديقاتها في الجامعة وهي مرتدية في عنقها الصليب ثم تخبرهن بأنها تحب الدين المسيحي ولا تريد الإسلام، وأسرتها لا علم لهم بهذا الأمر وهي تحاول التأثير على صديقاتها بشتى أنواع السبل. ولكن حين علمت والدتها قامت بإدخالها السكن الجامعي وهو سكن مخصص لطالبات الجامعة وهي من وجهة نظرها أن أبنتها نظير تأثير اختلاطها واحتكاكها بزميلاتها في السكن ستتخلى عن الدين المسيحي وستعود للإسلام، ونتفاجأ بأن الطالبات في السكن الآتي في نفس عمرها تقريباً أغلبهن من طائفة أخرى مضللة عن الدين الإسلامي وهنا دخلت ابنتها في تلك الدوامة وتأثرت بذلك الفكر المغلوط والذي لا يمثل الإسلام بشيء وضللت عن الطريق الصحيح مرة أخرى تحت غياب والدتها وأسرتها.. ولا نعلم اليوم ماذا حل بالفتاة المسكينة!. فكرت حينها أن أكتب مقالتي عن هذه الفتاة وعن هذه الحادثة ولكن تراجعت، لأنني لم أرَ أنها ظاهرة تستحق أن تطرح للرأي العام، واعتقدت أنها ليست سوى حالة فردية، واليوم نعيش حالة رهف ويوجد المئات لم يظهروا للإعلام بعد ؟ اليوم هذه الظاهرة التي باتت تحدث في مجتمعنا وكأننا لأول مرة نراها ونسمعها ولا نعلم إلى أين ستصل بنا في نهاية المطاف ؟! وخاصة أنها في غاية الخطورة وتمثل أحد نتائج الغزو الثقافي وتأثيره على الأطفال والمراهقين، ألا وهي قيام بعض المراهقين بالارتداد عن دينهم أو الإلحاد، أو من يقوم منهم باعتناق الديانة المسيحية، وتحدث غالباً بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات وبشكل ملحوظ وتحت غياب الأهل والمدرسة والجامعة. كيف تحدث مثل هذه الأمور في مجتمعنا المسلم المحافظ وتحت غياب أنظارنا، وكيف تجهل الأم بكيفية التصرف مع ابنتها المراهقة والمرتدة ؟ وكيف عن ضعف الرقابة في المنزل والمدرسة والجامعة وفي سكن الجامعة ؟ كما وهناك يوجد العديد من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي يديرها مراهقون يصرحون بأنهم مرتدون عن الإسلام وملحدون وهم بداخل المملكة ويساهمون في نشر هذا الفكر سواء إلى الإلحاد أو إلى اعتناق ديانة أخرى!. فما هي المسببات التي ساهمت في ظهور مثل هذه الكوارث وما هو السبب الحقيقي وراءها؟ نعلم كلنا أن أخذ الدين الإسلامي في غير موضعه وتصوره بالغلو والتشدد فيه وحرمانهم بحجة الحرام والحلال، جعل أبناءنا نافرين منه وكارهين لدينهم، لجؤوا للهرب منه والارتداد عنه كوسيلة مقنعة لهم حسب تفكيرهم المقتصر على سِنهم وضعفهم بأن التخلي عن دينهم سيحقق لهم الحرية والحياة التي أرادوها. هذا الأمر في المجتمع كلما تجاهلناه واعتقدنا بأنه صحيح أدى إلى ظهور نتائج عكسية على أبناءنا وخرجوا عن السيطرة وأدى بذلك إلى مثل هذه الكوارث، وديننا دين الوسطية والاعتدال والسماحة والرأفة والرحمة. أبناؤكم أمانة توصوا بهم خيراً وأحسنوا تربيتهم باللين والرحمة واحرصوا على القرب منهم ومن قلوبهم، فالزمان لم يعد ذاك الزمان، ويوجد اليوم أشرس أنواع الغزو وهو الغزو الثقافي ينحر في الوريد وفِي الأمة ويسيطر على أبنائنا وتفكيرهم ويدخلون لهم من كل نافذة وباب.