بدأت اليوم أعمال الدورة ال 11 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي، تحت شعار (دور وسائل الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا) برئاسة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وحضور معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وأصحاب المعالي وزراء الإعلام لدول المنظمة، وذلك بقصر المؤتمرات بجدة. ورحب الدكتور الطريفي في مستهل الجلسة الافتتاحية باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وباسم شعب المملكة بأصحاب السمو والمعالي الوزراء ورؤساء الوفود المشاركين في أعمال الدورة في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية. وأوضح معاليه أن انعقاد الدورة ال 11 لمؤتمر وزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي تحت شعار (دور وسائل الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا) يأتي في ظروف إقليمية ودولية مهمة تلقي بظلالها على العالم الإسلامي كما هو حاصل في أزمات يمر بها إخواننا في سوريا والعراق وغيرها. وقال إن هذه الأزمات التي يمر بها عالمنا الإسلامي تستدعي تضافر الجهود ووحدة الصف تحقيقاً لتطلعات شعوبنا وما فيه الخير لها، وأن تكون دورتنا الحالية منطلقاً نحو بحث وإصدار ميثاق إعلامي إسلامي يختص بمكافحة ظاهرتي الإرهاب والإسلاموفوبيا. وزاد معاليه : مما لا شك فيه أننا نعاني اليوم وأكثر من أي وقت مضى من تنامي ظاهرة الإرهاب، وهي الظاهرة التي استفحلت مستغلة ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط من أزمات، أدت إلى اختطاف عدد من وسائل الإعلام التقليدي والحديث من قبل الإرهاب وداعميه، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية تعد من أوائل الدول التي تعرضت لآفة الإرهاب من خلال أكثر من 100 عملية إرهابية منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيميًا بجهات حكومية خارجية، كما تم إحباط 268 عملية إرهابية قبل وقوعها، استشهد وأصيب بسببها العديد من مواطنيها والمقيمين فيها ورجال أمنها البواسل، بل وصل بالإرهابيين أن يعتدوا بالتفجير في شهر رمضان الماضي قرب الحرم النبوي الشريف. ولفت معاليه الانتباه إلى أن المملكة قد عملت على إبرام العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب منها معاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي في 1 يوليو عام 1999م، كما شكلت تحالف إسلامي من 40 دولة لمحاربة تلك المنظمات الإرهابية، وأصدرت التشريعات الخاصة بمكافحة الإرهاب للحد من آثاره محلياً وإقليمياً ودولياً، بل سبقت وبادرت بطرح فكرة إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وذلك خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005م، أنشي من خلاله مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب الذي تبرعت له المملكة بمبلغ 110 مليون دولار. وقال معالي وزير الثقافة والإعلام إنه وإيماناً من المملكة بأهمية هذا الموضوع والدور الذي يمكن أن يقوم به مؤتمرنا اليوم في مكافحة الإرهاب، فقد تقدم وفد المملكة العربية السعودية بمشروع قرار بشأن دور الإعلام في مكافحة الإرهاب لاقى ولله الحمد، استحسان ودعم الدول الأعضاء في المنظمة، حيث دعا مشروع القرار الدول الأعضاء إلى إدانة وتجريم وسائل الإعلام التي تروج وتحرض على الإرهاب، وينبغي لنا البناء على ذلك ووضع آليات محددة بضرورة تنسيق السياسات الإعلامية بين وسائل الإعلام المختلفة بدول المنظمة فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب وتطوير التشريعات الإعلامية المنظمة لعمل القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية لهذه الدول وتقييم مواقفها والعمل على وقف القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية الداعمة للجماعات الإرهابية عبر آليات نظامية وقانونية واضحة ومحددة خاصة في ظل ما نعايشه من ثورة إعلامية لا تدع مجالاً لمن يتقاعس عن واجباته الإسلامية والدولية والإنسانية. وأضاف الدكتور الطريفي كما يتوجب علينا تقديم الدعم والتشجيع المادي والمهني إلى القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية التي تحارب الإرهاب وتسعى لتوحيد الشعوب ودعم الإعلام الواعي القادر على تنوير المجتمع ومحاربة الإرهاب وفكره التكفيري. ومضى معاليه يقول : يواجه أشقاؤنا في اليمن أزمة نتجت عن محاولة اختطاف ميليشيا الحوثي والقوات الموالية لها لليمن الشقيق عبر انقلاب على الشرعية يعاني اليمن الشقيق ويلاته إلى يومنا هذا، ومما لا شك فيه فإن الإرادة الدولية قد أكدت مراراً وتكراراً لنا جميعا أنه لا مفر ولا منجى إلا أن ينصاع الحوثيون وأتباعهم من المنقلبين على الشرعية إلى إرادة الشعب اليمني ولو بعد حين. وأشار إلى أن مليشيا الحوثي قد أقدمت على إطلاق صاروخٍ باليستيٍ تجاه مهبط الوحي وقبلة المسلمين في مكةالمكرمة، حيث قامت الدفاعات الجوية السعودية ولله الحمد باعتراض ذلك الصاروخ وتدميره على بعد كيلومترات من العاصمة المقدسة، وهذا عمل إجرامي ويعد تعدياً صارخاً على مشاعر المسلمين واستهانة بمقدساتهم، وعلى سيادة المملكة العربية السعودية. وأبان الدكتور الطريفي أن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وغيرها قد استنكرت هذا العمل الإجرامي باعتبارها البيت الجامع للأمة الإسلامية من مشارق الأرض ومغاربها، كما استنكرته وأدانته العديد من المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية ودور الإفتاء ومجالس العلماء والشعوب الإسلامية، مؤكدين جميعهم رفضهم لهذا التجاوز الخطير والمقيت، ووقوفهم مع المملكة في الدفاع عن أرض الحرمين الشريفين. وزاد الدكتور الطريفي يقول : وقد عبر عن ذلك البيان الختامي للاجتماع الطارئ لدول هذه المنظمة في اجتماعهم الذي عقد بمكةالمكرمة في شهر صفر 1438ه الموافق لشهر نوفمبر 2016م، الذي طالب بوقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح بوصفه شريكاً ثابتاً في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي وطرفاً واضحاً في زرع الفتنة الطائفية وداعماً أساسياً للإرهاب مؤكداً في هذا المقام على أن المملكة العربية السعودية لن تتهاون أو تفرط مثقال ذرة في هذه الأمانة المقدسة التي اؤتمنت عليها من رب العالمين، وسوف تستمر في بذل الغالي والنفيس في سبيلها ومن أجلها، وتمضي بحول الله وبقوة وعزيمة في أداء واجبها الإسلامي تجاه مقدسات المسلمين. وأشار إلى أنه في هذا الوقت تنامت الحملات الإعلامية المسيئة للإسلام ولمقدساته مما يتطلب من جميع الدول والمنظمات والهيئات بذل المزيد من الجهود وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية وترشيدها لتقليص الفجوة الرقمية بين دولنا والعالم المتقدم والانخراط بشكل فاعل في مجتمع المعلومات والتصدي للإعلام المغرض وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام وللحضارة الإسلامية، ويمثل الإعلام قوة مهمة ومحورية في تشكيل الهويات والواقع الاجتماعي، ومؤشراً بالغ الأهمية في تشكيل الوعي السياسي، وقناة لابد منها لتبادل المعلومات والتواصل بين المجتمعات والثقافات. وسأل معالي وزير الثقافة والإعلام في ختام كلمته الله - عز وجل - أن تكون هذه الدورة، مثمرة وناجحة من خلال تكريس الجهود المشتركة فيما بين الدول الأعضاء، متمنياً في الوقت ذاته تحقيق تطلعات المستقبل والدفع بآليات العمل الإعلامي المشترك نحو المهنية والكفاءة، في إطار رؤية عصرية مبدعة وأهداف واضحة، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يحمي المقدسات الإسلامية، وأن يجمع كلمة الأمة الإسلامية على الحق والهدى والصلاح. بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمةً شكر فيها المملكة العربية السعودية لاستضافتِها لهذه الدورة، الأمرُ الذي يعكسُ اهتمامِها بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسموِ وليِ العهدِ، وسموِ وليِ وليِ العهد - حفظهم الله -، بكلّ ما منْ شأنِه رفعةُ الإسلامِ والمسلمين والدفاعُ عنْ قضاياهم المشروعة، فضلاً عن دعمِها المتواصلِ للمنظمة بوصفِها دولةَ المقر. كما توجُه بالشكرِ لمعالي وزيرِ الثقافةِ والإعلامِ، وكافةِ المسؤولين في الوزارةِ وفي الجهاتِ الحكوميةِ الأخرى المعنية لما بذلوه من جهدٍ من أجل تنظيمِ هذا المؤتمر وضمانِ نجاحِه. وقدّم الدكتور العثيمين الشكر لأصحابَ المعالي والسعادة رؤساءَ الوفود على مشاركتِهم في هذا المؤتمر الذي يبحثُ موضوعاتٍ إعلاميةً مهمة مدرجةٌ على جدولِ أعمالِ هذهِ الدورة. وقال معالي الأمين العام للمنظمة " نجتمعُ اليومَ وأمتُنا الإسلاميةُ تواجهُ تحدياتٍ متعددةً تستهدف استقرارَها وجهودَ تنميتِها، بل وحتى هُويتَها ونمطَ حياتِها " لافتاً الانتباه إلى أنَّ هذا المؤتمرَ يتطرقُ إلى دورِ الإعلامِ التقليديِ والحديثِ في وسائلِه وأنماطِه ومحتواه وتأثيرِه في التصدّي لظاهرتي الإرهابِ والإسلاموفوبيا اللتين تستهدفان ركائزَ السلمِ والأمنِ الدوليين. وأضاف معاليه أن المؤتمرَ يتوجهُ نحو أحدِ أبرزِ تحدياتِ قطاعِ الإعلام بالمنظمة والدولِ الأعضاء، وهو تطويرُه ليواكبَ المتغيراتِ المتسارعةَ في وسائل التواصل ليصلَ إلى شرائحِ المجتمعِ المختلفة، ويواكبَ همومَها واهتماماتِها، ويكونَ قادراً على مواجهةِ ما يتعرضُ له الدينُ الإسلاميُ الحنيفُ ورموزُه السمحة من إساءة وتشويه، وأن يتصدى لخطاب العنف والتحريض والكراهية. وأكد أن المنظمة هي الصوتُ الجامعُ للعالمِ الإسلامي، والقادرةُ على احتضانِ تطلعاتِه، والساعيةُ لتسخيرِ إمكاناتِه وقدراتِه خدمةً لمصالح شعوبِه، وتحقيقاً لسلمِ دولِه الأعضاء واستقرارِها وازدهارِها، واستناداً إلى ميثاقِ المنظمة، فإنَّ دعمَ القضيةِ الفلسطينيةِ وتمكينَ الشعبِ الفلسطيني من ممارسةِ حقِّه في تقريرِ المصيرِ وإقامةِ دولتِه المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشريف يمثل محورَ عملِ المنظمة. وأفاد معاليه أنه يأتي على رأسِ أهدافِ المنظمةِ تعزيزُ أواصرِ الأخُوَّةِ والتضامنِ والتعاونِ بين الدولِ الأعضاء، وحمايةُ مصالحِها المشتركة، ومناصرةُ قضاياها العادلة، وتنسيقُ جهودِها وتوحيدِها بغية التصدّي للتحدياتِ التي يواجهُها العالمُ الإسلامي، إلى جانب تشجيعِ الحوارِ بين الحضاراتِ والأديان وحمايةِ صورةِ الإسلامِ الحقيقية، والدفاعِ عنها، والتصدّي لمحاولاتِ تشويهِها. وأكد الدكتور العثيمين أن شعارَ هذِه الدورة يستدعي النظرَ بتمعُّنٍ في دورِ الإعلامِ المتجدِّد وتطبيقاتِه وأثرِه الفاعلِ في الإسهام في التصدّي لظاهِرتَي الإرهابِ والإسلاموفوبيا اللتين أضرّتا بالعالم الإسلامي وبالتعايشِ السلمي لشعوبِ العالم، وفي مواجهة هاتين الآفتين، لا بدَّ أن نستذكر أنَّ ميثاقَ منظمةِ التعاون الإسلامي قد شدَّد على ضرورةِ المساهمةِ في حفظِ السلمِ والأمنِ الدوليين، وحثَّ على التعاونِ في مجالِ مكافحةِ الإرهابِ بجميعِ أشكالِه ومظاهره. وأوضح معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن الميثاقُ دعا إلى حمايةِ صورةِ الإسلامِ الحقيقيةِ والدفاعِ عنها والتصدّي لحملاتِ تشويهِ صورةِ الإسلامِ وشجع على الحوارِ بين الحضاراتِ والأديان، وبناءً عليه، فإن مجابهة ظاهرة الإرهاب، التي تُؤثّر على تطورِ دولِنا الأعضاء، تستوجبُ منا تنسيقَ الجهود وتوحيدَها من أجلِ معالجةِ أسبابِها الجوهرية، واجتثاثِ هذهِ الظاهرةِ الخطيرةِ من جذورِها، بما في ذلك تفعيلُ معاهدةِ منظمةِ التعاون الإسلامي لمحاربةِ الإرهاب. وأكد أنَّ الجماعاتِ الإرهابيةَ تستخدمُ جميعَ الوسائلِ الإعلاميةِ المتاحة في نشرِ الفكرِ المتطرفِ والخطابِ المضلّلِ والأطروحاتِ المتشددة، كما تسعى إلى استقطابِ الشبابِ والشاباتِ والتغريرِ بهم للانضمامِ إلى تنظيماتِهم الإرهابية، أو الانضمامِ للعناصرِ المساعدة التي توفرُ لهم الدعمَ اللوجستي. وقال الدكتور العثيمين " هنا يأتي دورُ وسائلِ الإعلامِ في التصدّي لهذا الفكرِ الإرهابي من خلالِ استخدامِ ذاتِ الوسائلِ الإعلامية، ونفسِ وسائطِ التواصلِ الاجتماعي، التي تستخدمُها الجماعاتُ الإرهابية، من قبلِ متخصصين في الإعلام، لتوجيهِ رسائلَ إعلاميةٍ تنشرُ الفكرَ المناهضَ للفكرِ الإرهابي، وتفضح ادعاءاتِه في كلّ الوسائلِ التكنولوجيةِ المتاحة" مؤكداً أهمية مؤسساتِ المجتمعِ المدني ومراكزِ الأبحاثِ والجامعاتِ ودورها المشارك والمعاون للشبكاتِ الإعلاميةِ في محاربةِ هذا الفكرِ الضال. وأشار إلى أن منظمةُ التعاون الإسلامي أطلقتْ مركزاً للحوارِ والسلامِ والتفاهُمِ منذ شهرين للعملِ على تعريةِ خطابِ التطرُّف، وتصحيحِ المغالطاتِ التي يستندُ إليها، وعرضِ المفاهيمِ الاسلاميةِ الأصيلة، آملاً أن يُسهِمَ هذا المركزُ في الحدِّ من انتشار ظاهرةِ الارهابِ، ويقلصُ من تأثيرِ أيديولوجيتِه. وفيما يتعلقُ بظاهرةِ الإسلاموفوبيا والحدِّ من تداعياتِها الخطيرة، أبان الدكتور العثيمين أن القمةَ الإسلاميةَ الثالثةَ عشرةَ للمنظمةِ التي انعقدتْ في مدينة اسطنبول التركية في إبريل 2016 أكدتْ في بيانها الختاميِ على العملِ مع وسائلِ الإعلامِ لتعزيزِ التفاهمِ من أجلِ استخدامِ مسؤولٍ لحريةِ التعبير، كما شدّدتْ على ضرورةِ التعجيلِ بتنفيذِ الاستراتيجيةِ الإعلاميةِ لمنظمةِ التعاون الإسلامي للتصدّي للإسلاموفوبيا، التي هي بين أيديكم اليوم لاعتمادها من جديد بنسختها المعدّلة. وبين أن البيان الختامي للقمة ركّز أيضاً على فاعليةِ وسائلِ الإعلام، وخصوصاً قنواتِ التواصل الاجتماعي، في نشرِ المعلوماتِ وتشكيلِ الرأيِ العام ودورِها الحاسمِ في عرضِ صورةٍ مشرقةٍ للإسلامِ والدولِ الأعضاءِ في العالمِ الخارجي وتحقيقِ أهدافِ التضامنِ الإسلامي. ولفت معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الانتباه إلى أن القمةُ الإسلاميةُ دعت الدولَ الأعضاءَ إلى مواجهةِ التصاعدِ في المشاعرِ المعاديةِ للمسلمين، التي زادتْ في الآونةِ الأخيرة من خلالِ حدّةِ التنميطِ السلبي والتعميمِ المفرطِ بشأنِ المسلمين، كما شجعت القمةُ الدولَ الأعضاءَ على اتخاذِ التدابيرِ اللازمةِ للتصدّي لظاهرةِ الإسلاموفوبيا من خلالِ الحوارِ مع المجتمعِ الدولي على المستويين الثنائي ومتعدّدِ الأطراف والمشاركةِ مع الغربِ من أجل بناءِ عزيمةٍ والتزامٍ سياسيين لتحقيقِ المصالحةِ بين أتباعِ الأديانِ والثقافاتِ والحضارات، وتعزيزِ دورِ القادةِ الدينيين وقادةِ المجتمعِ في الحدّ من نزعاتِ التطرفِ والإسلاموفوبيا عبرَ تعزيزِ قيمِ التسامحِ والوسطيةِ والتعايشِ السلمي. وأوضح أنَّ ظاهرةَ الإسلاموفوبيا أصبحتْ للأسفِ الشديدِ تمثّلُ شكلاً من أشكالِ التفرقةِ والعنصريةِ والتمييز، وباتَ من المُلاحَظِ تنامي الخطابِ السياسي في بعضِ الدولِ الغربيةِ الذي يستهدفُ المسلمين والدينَ الإسلاميَ ورموزَه، لاسيما في أثناءِ الحملاتِ الانتخابية، سعياً من أصحابِ هذا الخطابِ لتحقيقِ مكاسبَ سياسية، حتى أضحى المسلمُ، في بعضِ هذه الدولِ، عُرضةً للاتهامِ والمساءلة، وعليه إثباتُ براءتِه في كلّ يومٍ وفي كلّ موقفٍ من مواقفِ حياتِه، الأمرُ الذي أسهمَ في تفاقمِ ظاهرةِ الإسلاموفوبيا في العالم الغربي. وزاد يقول تأكيداً لهذا المنحى، فإنَّ التقريرَ التاسعَ لمرصدِ الإسلاموفوبيا التابعِ للمنظمة الذي صدر في أكتوبر 2016 قد أشار إلى أنَّ ظاهرةَ الإسلاموفوبيا لا تزالُ مستفحلةً بقوة، وأن تجلياتِها في ازديادٍ بسببِ الحملاتِ الإعلاميةِ المركّزةِ والخطاباتِ الجماهيريةِ التي تُظهر تخوفاً من الإسلام، وقد نتجَ عن ذلك حوادثُ عديدةٌ تستهدفُ المسلمين، ومساجدَهم، حتى ملبسُهم بات عُرضةً للنقد والاستهجان. وأضاف الدكتور العثيمين أن التقريرُ أفاد بأن استمرارَ استهدافِ المسلمين يغذّي ظاهرةَ الإسلاموفوبيا في أوروبا وغيرِها من المناطق ويدفعُ المجتمعاتِ الأوروبيةَ نحو سلوكِ الضجرِ تجاه الأقلياتِ المسلمة التي تعيشُ بينها، ناهيك عن تزايدِ مشاعرِ العداءِ والعنصريةِ ضد المسلمين في دولِ تلك القارة، التي لم يسلم حتى اللاجئين منهم، الذين فرّوا من ويلاتِ الحروبِ بحثاً عن الأمان، من صدّ الأبوابِ في وجوهِهم بسببِ دينِهم. وأبان أنه في إطار سعي المنظمةِ من أجلِ الإسهامِ في الحدّ من ظاهرةِ الإسلاموفوبيا الخطيرةِ والمتفشية ومعالجةِ تداعياتِها فقد تمّ إعدادُ استراتيجيةٍ إعلاميةٍ للتصدّي لهذهِ الظاهرة ووُضِعت آلياتٌ وبرامجُ لتنفيذِها بمساعدة المؤسسات المعنية التابعة للمنظمة، وهي اليوم بين أيديكم لتبنّيها ضمن القراراتِ المعروضة على هذه الدورة. وأشار إلى أنّهُ جرى خلال الدورةِ الثالثةٍ والأربعين لمجلسِ وزراءِ خارجيةِ المنظمة في طشقند، انعقادُ الاجتماعِ الأول لفريقِ اتصالِ المنظمةِ المعني بمسلمي أوروبا، الذي شدّدَ على ضرورةِ تفعيلِ الاستراتيجيةِ الإعلاميةِ للتصدّي للإسلاموفوبيا من ضمنِ آلياتِ وخطواتِ تفعيلِ عملِ فريقِ الاتصال. وبين معاليه أن الأمانةَ العامةَ قد أعدّت استراتيجيةً إعلاميةً أطّرت الآلياتِ الملائمةَ من أجلِ عملٍ إعلامي فاعلٍ ومنسَقٍ ستضطلعُ به المنظومةُ الإعلاميةُ للمنظمةِ والمؤسساتِ التابعةِ لها، لافتا إلى أنَّ هذهِ الاستراتيجيةَ ستسهمُ في تركِ أثرٍ محسوس في وعي شعوب الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة حول رسالة المنظمة وأهدافها وما تقوم به من جهود ومشاريع ومبادرات ستؤثر في حياة هذه المجتمعات نحو الأفضل سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، كما ستسهم في الدفاع عن حقوق الأقليات المسلمة وما يتعرضون له من اضطهاد وقتل وتشريد مثل ما يحصل الآن في ميانمار، أو ما يعانيه إخوتنا المسلمون في كشمير. وقال معالي الدكتور العثيمين إنَّ هذهِ الدورةَ قد طرحتْ عدداً من مشاريعِ القراراتِ الأخرى التي من شأنِها الإسهامُ في تطويرِ العملِ الإعلامي الإسلامي المشترك، وتعزيزِ التنسيقِ في الشأنِ الإعلامي في إطارِ منظمة التعاون الإسلامي تتمثلُ في التأكيدِ على دورِ الإعلامِ في الدولِ الأعضاء في مساندةِ قضيةِ فلسطينوالقدس الشريف؛ والبرنامجِ الإعلاميِ الخاصّ بالقارةِ الإفريقية، والقرارِ بشأنِ إطلاقِ القناةِ الفضائيةِ للمنظمة التي نتمنى أن تبدأَ في البثِّ قريباً لتصبحَ إحدى الوسائلِ الرئيسية لتوصيلِ رسالةِ التضامنِ والتعاونِ بين الدول الأعضاء، ونبذِ التفرقةِ ونشرِ رسالةِ الإسلامِ الصحيحة. وأضاف أنه انطلاقاً من الوعيِ بأهميةِ إشراكِ المرأةِ في الخططِ والمشاريعِ الإعلاميةِ وريادةِ تنفيذِها، قدمت المنظمةُ في هذهِ الدورةِ مشروعَ قرارٍ لتمكينِ المرأةِ في وسائلِ الإعلامِ ومن خلالِها، وسنعملُ على تكثيفِ التعاونِ بين مؤسساتِ المنظمة، وبالتنسيقِ مع الدولِ الأعضاء، من أجلِ إبرازِ دورِ المرأةِ والأسرةِ عامةً في تنميةِ المجتمعِ ومناهضةِ نزعاتِ التطرف. وطالب الإعلام بمواجهة ما أبرزناه من تحدياتٍ وقضايا بأسلوبٍ احترافي ومستمر، وأن يقدِّمَ خطاباً واعياً معاصراً وجاذباً ومهنياً بعيداً عن الإثارةِ لمجردِ شدِّ الانتباه وكسبِ السبقِ الإعلامي، وبعيداً عن الاسفافِ والتحريض، وبعيداً عن إثارةِ الفتنِ والضغائن، خاصة في مجابهةِ ظاهرتي الكراهية والإسلاموفوبيا ومجابهةِ خطابِ التطرُّفِ والغلوّ. وتمنى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في ختام كلمته أن تُسهم قرارات المؤتمر في تطويرِ العملِ الإعلامي المشترك بما يعودُ بالفائدةِ على المنظمة، وعلى جميعِ الدول الأعضاء خدمةً لقضايا الأمة الإسلامية، ودفاعاً عن مصالحِها. عقب ذلك بدأت جلسات المؤتمر المغلقة.