انطلقت في جدة أعمال اجتماع كبار المسؤولين التحضيري للدورة ال11 لمؤتمر وزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي، المقرر انعقاده الأربعاء المقبل. وأوضح رئيس الاجتماع وكيل وزارة الإعلام السعودية للإعلام الخارجي عبدالمحسن إلياس، أن الاجتماع يهدف إلى مناقشة عدد من المواضيع والقرارات التي تهم دول المنظمة، سعياً نحو الخروج بخطة عمل واضحة، تكون ركيزة للعمل الإسلامي المشترك في المجال الإعلامي وترقى لطموحات وتطلعات مواطني الدول الأعضاء، بما يخدم قضايا الإسلام والمسلمين في العالم أجمع. وأكد إلياس أن شعار الدورة الحالية التي تنعقد بعنوان «دور وسائل الإعلام الجديد في مكافحة الإرهاب والإسلاموفوبيا»، يلخص قضيتين مهمتين تستدعي الانتباه وبذل الجهد للاستفادة من إمكانات الإعلام الجديد في مكافحة الإرهاب، وما يسمى ظاهرة «الإسلاموفوبيا». وأشار إلى الحاجة لإعداد خطط عمل وآليات تنفيذية ومؤشرات قياس واضحة ومدروسة، تسهم في معالجة المشكلتين، وتكون منطلقاً نحو إشراك الإعلام الجديد في معالجة عدد أكبر من القضايا والمشكلات، التي يواجهها العالم الإسلامي. ولفت إلى أن الاجتماع ينعقد أيضاً في ظل أحداث وأزمات متتابعة في العديد من الدول الإسلامية، ومآسٍ إنسانية يتعرض لها العديد من المسلمين في سورية والعراق واليمن وميانمار وغيرها من الدول، ما يتطلب وحدة الإرادة والصف والجهد لإرساء السلام في هذه الدول والعالم أجمع. وأضاف: «لا يمكننا الحديث عن واقع العالم الإسلامي من دون تسليط الضوء على خطر التطرف والإرهاب، الذي أضر بالسلم والأمن في منطقتنا، وبات مهدداً لهويتنا، وأودى بحياة الآلاف من الضحايا، جراء جرائم ارتكبتها جماعات إرهابية كرست كل طاقاتها لتنفيذ أجندات هدامة غير إنسانية». وبيّن أن تواصل الجرائم الإرهابية العنيفة على رغم كل الاحتياطات الأمنية التي تتبعها الدول، يقتضي مزيداً من العمل نحو تفعيل منظومة القوانين والتشريعات التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب وتكثيف التعاون في مجال الإعلام الأمني، للتصدي للتنظيمات الإرهابية ورسائلها الهدامة عابرة الحدود. وأشار إلى أن السعودية طورت برامج وحملات اجتماعية وتوعوية عدة لمكافحة الإرهاب، يسهم فيها العديد من المختصين والمتطوعين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، داعياً أية دولة عضو للاستفادة من تجربتها، بما يحقق مصلحة دول العالم الإسلامي قاطبة. وتابع: «بدافع إيمان السعودية بهذه القضية المهمة فإننا سنولي لها قدراً من الاهتمام، لطرح مشروع قرار جديد في دورتنا الحالية، يتعلق بالتأكيد على الدور المهم للإعلام في مكافحة الإرهاب». ولفت إلى أن الحملة الشرسة التي تشن على الدين الإسلامي، ولا سيما في ما يتعلق بقضية «الإسلاموفوبيا»، أو ظاهرة التخويف من الإسلام، أصبحت شكلاً من أشكال العنصرية التي تؤجج الصراعات بين الشعوب والمجتمعات والدول، وتؤثر سلباً على الأقليات المسلمة في البلدان الغربية، ما يتطلب تكاتف وسائل الإعلام في إبراز مخاطر هذه الآفة. وشدد على أهمية دور المفكرين في بحث حلول لقضية «الإسلاموفوبيا» وإيصال رسالة الدين الإسلامي الحنيف التي تدعو للسلام والتعايش، وتفنيد كل رسالة سلبية من أعداء الأمة، تهدف لزيادة الفرقة بين الشعوب، وتخويف الأمم من الإسلام والمسلمين. وواصل: مخاطر الإرهاب و«الإسلاموفوبيا» تتطلب من المسؤولين عن الإعلام في الدول الإسلامية الالتفات إليها، والسعي لإيجاد سبل لحل إشكالاتها، ولا شك في أن على الإعلام الجديد دوراً مهماً للغاية في مجابهة ظاهرتي الإرهاب و«الإسلاموفوبيا»، داعياً إلى أن تتم مواكبة وجود الإعلام الجديد لتطوير منهج جديد يولي قدراً أكبر من الاهتمام به بشكل جماعي وفردي. ووصف الحاجة إلى تطوير آليات للتعامل مع الإعلام الجديد، والاستفادة من خبرات الشباب والحرص على الاستثمار في وسائل الإعلام الجديد، بأنها «ماسة»، بما في ذلك تطوير المنتج الإعلامي الإسلامي وتحسين أدائه، ونشره عبر وسائل الإعلام الجديد، بغية التعريف بالأمة الإسلامية بالصورة الإيجابية الصحيحة للعالم، وإيصال الصوت في الدفاع عن قضايا الأمة. وزاد: «ينبغي ألا تشغلنا الأزمات التي نتعرض لها، أو ما تواجهه صورتنا من تشويه، وألا ينحصر عملنا في خانة الدفاع والخوف، فأمتنا هي خير أمة أخرجت للناس، لها من التاريخ ما لها من إنجازات في جميع المجالات، وهي على مقدرة كاملة في الإسهام بما فيه خير العالم وتحقيق الاستقرار والأمن والتقدم لجميع البشرية». وحث على ضرورة ألا تشغل الأزمات الراهنة الدول الإسلامية أو تنسيها قضيتها الأولى في فلسطين، واستطرد: «لولا ما تعرضت له فلسطينالمحتلة قبل عقود من الزمان لما اجتمعنا اليوم، وعلى إعلامنا ألا ينصرف عن فلسطين بغيرها، إلى أن تقوم دولة الشعب الفلسطيني وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف». وأكد رئيس الاجتماع وكيل وزارة الإعلام السعودية للإعلام الخارجي في كلمته، أن جدول الأعمال يتضمن عدداً من المواضيع ومشاريع القرارات، لدرسها والبت فيها، تمهيداً للرفع بها للوزراء في اجتماعاتهم لهذه الدورة. من جهتها، أكدت ممثلة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مها عقيل، ضرورة إيلاء العمل الإعلامي الإسلامي المشترك ما يستحق من عناية واهتمام كبيرين، لخدمة قضايا الأمة الإسلامية والدفاع عن مصالحها، وفي صدارتها قضية فلسطينوالقدس الشريف، التي تتصدر أولويات المنظمة، ولا سيما في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اضطهاد وتجاوزات، تضاف إليها عمليات تهويد المقدسات والمدن الفلسطينية، وفرض الطابع الإسرائيلي عليها، الذي يهدد الطابع العمراني والتركيبة السكانية للمدينة المقدسة. وشددت عقيل، على أن التحديات والمشكلات التي يواجهها الشعب الفلسطيني تظهر بجلاء حجم المسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتق الجميع للدفاع عن هذه القضية العادلة، مضيفة «الإعلام في الدول الأعضاء مطالب بأن يبقي القضية الفلسطينية في صلب اهتمامه وصميم مهماته». وأشارت إلى وجود قضايا أخرى هي من أولويات الاهتمام الإعلامي للمنظمة والدول الأعضاء فيها، وأبرزها الإرهاب و«الإسلاموفوبيا»، اللتان تعدان من أبرز القضايا التي يتم العمل على التصدي لها في إطار منظومة العمل الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي. وقالت: «جاء شعار هذه الدورة (الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا) ليسلط الضوء على هاتين القضيتين، اللتين يعاني منهما العالم أشد المعاناة في الوقت الحالي، إذ تبذل الدول فرادى وعلى نحو جماعي الجهد الكبير، من أجل التصدي لهما، لما تشكلانه من تهديد مباشر لنسيج شعوبنا وأمن بلداننا». وأضافت: «إننا نرى أن تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم الغربي يحتم علينا العمل الدؤوب والسريع لمواجهة تداعياتها العاتية»، لافتة إلى انتشار الظاهرة لتمتد إلى دول أخرى في قارتي آسيا وأفريقيا. وأكدت الحاجة إلى مبادرات عملية من أجل التفاعل المباشر مع المجتمعات الغربية وغيرها، والوصول إلى الرأي العام لإبراز الصورة الناصعة للدين الإسلامي الحنيف، وإزالة التشويه الذي ألصق به، إما بسبب جماعات عنصرية معادية للإسلام والمسلمين، أو بسبب جماعات متطرفة تدعي الإسلام وتقوم بأبشع الأعمال باسمه. وأوضحت أن الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي تعمل من أجل الإسهام في طرح هذه القضايا، وبحث سبل معالجتها، بالتنسيق مع الدول الأعضاء والمؤسسات الإعلامية المعنية من داخل الدول الأعضاء وخارجها، في إطار شراكات مهنية ومؤسساتية، لترك أثر ملموس في التصدي لها.