ليس البحر أو المطعم أو المتنزه وجهة كل أهالي مدينة جدة بعد الانتهاء من صلاة عيد الفطر المبارك بل هناك وجهة أخرى يقصدها بعضهم، إنها (المقابر) ليس لدفن ميت أو انتظار جنازة، بل للسلام على متوفى لهم فيها، في عادة سنوية اعتادت عليها بعض الأسر كنوع من الوفاء والتذكار لهم- كما يقولون-،فيما يؤكد بعض العلماء أن تلك العادة لا أصل لها في الدين، وليست من السنة. وعند المرور بعد صلاة العيد عند أشهر مقبرتين في منطقة البلد، وهما مقبرة أمّنا حواء،ومقبرة الأسد، تجد مئات الرجال متوجهين إلى المقابر في أحلى حلة وذلك بعد أداء صلاة العيد. وبعد أن مكث صلاح عبدالله على قبر أخيه المتوفى منذ ثلاثة أعوام متجها شطر القبلة دعا له بالمغفرة والرضوان، يقول:» آتي إلى هنا كل عيد، ففرحة العيد لم تنسني حزني على فراق أخي، فأدعو له، وكم كنت أتمنى أن يكون معنا يشاركنا فرحة العيد». أما إبراهيم خليل فيقول: بهجة العيد والفرحة به لم تنسني حزني على والدي الذي فارق الحياة منذ حوالى 5 أعوام، وانه يحرص على زيارة والده بين الفينة والأخرى، ويضيف: « ورد في الحديث الشريف عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» وفيها ولد صالح يدعو له) وإني أدعو لوالدي في العيد مصطحبا معي أبنائي ليشاركوني الدعاء لجدهم والذي كان حبه لهم جمًا، لذلك نأتي إلى هنا ندعو له بالرحمة والمغفرة في هذا اليوم». وفي زاوية أخرى من مقبرة (أمنا حواء) لفت انتباهنا منظر عدد من الشباب المكتسين حلة العيد، إذ الثياب القشيبة والرائحة الزكية تفوح منهم، فيما بدت دموعهم على وجوههم،حيث ظلوا قرابة العشر دقائق متواصلة وهم يرفعون أكفهم بالدعاء إلى الله بالمغفرة والرحمة لموتاهم، وبعد أن اقتربت من أحدهم مهنئا بالعيد، رد علي: (وأنت بخير) العيد يا أخي هو وجودك بين من تحب، فما قيمة العيد عندي هذا العام، وأنا فقدت أغلى إنسان في وجودي، أعني والدتي، فقد اعتدت كل عام بعد أداء صلاة العيد أن أذهب برفقة زوجتي وأبنائي إلى والدي ووالدتي في بيتهم العامر لتهنئتهم بالعيد،لكن هذا العام فقدت والدتي، فقررت أن ألا أحرم نفسي من زيارتها حتى ولو كانت تحت التراب. من ناحيته أوضح أستاذ الدارسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة سابقا الشيخ الدكتور محمد موسى الشريف أن زيارة القبور يوم العيد هي عادة اجتماعية وليست دينية وليس فيها حرج، مستدركا في حديثه أنه لم يرد أي أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور يوم العيد أو الجمعة. وأضاف الشريف:» اعتاد بعض السلف على تخصيص يوم الجمعة لزيارة القبور، وليس في هذا أثر، وكذلك اعتادوا منذ قديم الزمان زيارتها في الأعياد، بحكم التفرغ والإجازة، حيث يتذكرون أحبابهم ويسلمون عليهم ويعيّدون عليهم. وأشار الشر يف إلى أن من اعتاد زيارة القبور في الأعياد يجد في نفسه حالة من الرضا والسعادة والسرور،لأنه بذلك يصل موتاه ويتذكرهم ويسلم عليهم في قبورهم كما كان يسلم عليهم وهم أحياء. وأكد الشريف أن زيارة القبور الهدف هو تذكر الآخرة كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فزيارة القبور سنة ، وليس لها وقت معين بل يزورها ليلا ونهارا ، في العيد وفي غيره». المزيد من الصور :