في عالم السياسة اليوم وكل يوم، السياسي المحنك هو ليس فحسب من يملك النظرية بل أيضاً من يملك الخبرة والممارسة والتجارب والدراية والفطنة والدروس التي يتعلم منها الإنسان. الإنسان الناجح هو من يتعلم من التجارب . ما يميز الملك سلمان - يحفظه الله - أنه الملك السابع لهذا الوطن العظيم ،فعايش ستة أجيال من الملوك . بعبارة أخرى أنه استفاد من خبرات وتجارب ستة ملوك سبقوه ، إضافة إلى أنه يعتبر من أركان الأسرة المالكة بل عميد للعائلة بأكملها ومستشارها ،ومستشار لإخوانه من سبقوه من الملوك بل يعتبر " أمين سر الأسرة المالكة". تعلم من التجارب والدروس ومجالسة أهل العلم والمثقفين والإعلاميين . مطلع ومثقف ويرأس مكتبة الملك فهد الوطنية ،ومؤسسة الرياض الخيرية للعلوم ،ودارة الملك عبدالعزيز ،وهي مؤسسة ثقافية تهدف لخدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة العربية السعودية والدول العربية والدول الإسلامية بصفة عامة. الملك سلمان هو متابع جيد لما ينشر في وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي بل ومتفاعل مع ما يكتب سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو في شبكات التواصل الاجتماعي ولديه حساب رسمي في تويتر ،جميعها وغيرها صقلت شخصيته ومكنته من فهم الناس فهماً حقيقياً . فالإعلام معروف عنه أنه إحدى الوسائل الرئيسة في تثقيف وتوعية المجتمع وأفراده ،والمتابع الجيد للإعلام يستطيع أن يقرأ ويحلل ويرصد ويكون ثقافة واسعة تجعل لديه القدرة على المحاورة الجيدة ومقارعة الحجة بالحجة ،وهذا ينطبق على سلمان بن عبدالعزيز صاحب الدراية والفطنة. قائد عاش مع الناس قرابة خمسين عاماً حاكماً لأكبر منطقة في المملكة ،واستطاع بحكمته وحنكته أن يطور مدينة الرياض من خلال الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وترؤسه لها ، كما أنه كان يرأس اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية. تعلم من والده ومن الناس وتعلم منه الناس ، استفاد منهم واستفادوا منه. عرفهم عن قرب وعرفوه عن قرب . يعرف القبائل وشيوخها ،ويعرف الأنساب . لديه الفراسة ويلمح الأشياء بسرعة ،لديه سرعة البديهة. هذه الخلفية للملك سلمان تجعله أكثر ثباتاً وحنكة في تعامله السياسي للتحديات الكبيرة التي سوف يواجهها ومنها انخفاض أسعار البترول والتي سوف تنعكس سلباً على المشاريع التنموية ،إذا وضعنا في الاعتبار أن المملكة ثاني أكبر منتج في العالم للنفط ،وهي الثروة التي تعتمد عليها جل ميزانية الدولة ،وبالتالي لابد من تنويع مصادر الدخل كون النفط سلعة ناضبة. والتحدي الثاني هو التعامل مع الانفلات الأمني لبعض الدول المجاورة ،وعدم استقرارها سياسياً وأمنياً كسوريا والعراق على حدود المملكة شمالاً ،وعلى حدود المملكة جنوباً في اليمن ،ووجود حكومة مذهبية يقودها الحوثيون في اليمن ،والتدخلات الإيرانية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفي البحرين التي تهدد الأمن الوطني للمملكة العربية السعودية .التحدي الثالث هو الأمن الداخلي واستمرار تماسك الجبهة الداخلية في ظل وجود أفراد وجماعات وتنظيمات إرهابية تهدد أمن واستقرار دول المنطقة برمتها. التحدي الرابع هو معالجة مشكلة العاطلين عن العمل من الشباب الذين يشكلون أكثر من نصف المجتمع ،والتعجيل بتسليم الوحدات السكنية للمواطنين ،حيث أن وزارة الإسكان بكوادرها القيادية لم تتمكن من تنفيذ مشاريع الإسكان. التحدي الخامس تفعيل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ،وخلق الانسجام بين جميع شرائح المجتمع ومذاهبه وقبائله وعرقياته كأول عتبة في طريق الإصلاح . التحدي السادس إصلاح التعليم وجعل مخرجاته حتى في التعليم العام تتناسب مع ما يحتاجه سوق العمل أو السوق الوظيفي. التحدي السابع وهو الملف السوري وكيفية التعامل معه . التحدي الثامن هو الملف النووي الإيراني وتدخلات إيران السافرة في منطقتنا العربية. التحدي التاسع قضية العرب والمسلمين القضية الفلسطينية وكيفية تفعيل الحل لدولتين تعيشان بسلام. الملك سلمان ليس بغريب على السياسات الداخلية أو السياسات الخارجية ،وليس بغريب أيضاً على تلك التحديات بل عايشها وتعامل معها بكل ثبات وبكل حكمة وحنكة عندما كان الملك عبدالله - يرحمه الله - يخضع للعلاج الطبي فكان يدير أعمال الدولة ويرعى مصالح شعبه ،ويمثلها في الداخل والخارج ، وكان آخرها القمة الخليجية التي عقدت في قطر في ديسمبر 2014م ،وأنهت بذلك الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي. والقمة العربية التي عقدت في قطر في مارس 2013م. حبيبنا ووالدنا وملكنا سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره لديه الحكمة والتأني وبعد النظر التي تجعله يتعامل مع التحديات بكل قدرة. إنه بالفعل خير خلف لخير سلف. متمنين له التوفيق والسداد من الله ليكمل مسيرة بناء هذا الوطن العظيم الذي نعشقه جميعاً.