اقتحمت القوات العراقية أمس الجمعة مدينة بيجي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» المتطرف، وتمكنت من استعادة حيين في جنوب هذه المدينة القريبة من اكبر مصافي النفط في البلاد، بحسب مصادر عسكرية. فيما غادر مقاتلو البيشمركة العراقيةتركيا أمس واتجهوا صوب عين العرب «كوباني» السورية. وتقع بيجي شمال مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) مركز محافظة صلاح الدين التي يسيطر عليها «الدولة الاسلامية»، وعلى الطريق المؤدية الى مدينة الموصل، كبرى مدن شمال العراق واولى المناطق التي سقطت في يد التنظيم خلال الهجوم الكاسح الذي شنه في يونيو. وقال قائد عمليات محافظة صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي لوكالة فرانس برس إن «القوات المشاركة في تحرير مناطق شمال تكريت دخلت بعد ظهر الجمعة الى مدينية بيجي وتوغلت في حيي الصناعي والتاميم وطهرتهما»، مضيفا إن «الآن تستقر فيهما». وأكد الرائد حسن مخلف، آمر قوة التدخل السريع المشاركة في العملية، لفرانس برس السيطرة على الحيين، موضحا ان «قواتنا تتمركز في مواقع متعددة ونقاط تفتيش في حيي الصناعي والتأميم». من جهته، جدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الجمعة انتقاداته للتحالف الدولي الذي يشن ضربات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراقوسوريا، معتبرا انه يركز قصفه على مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية. وقال اردوغان في باريس حيث استقبله الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند «لماذا تقصف قوات التحالف باستمرار مدينة كوباني هذه؟ لما لا تقصف مدنا اخرى لماذا ليس ادلب (شمال سوريا)». واضاف «لا نتحدث سوى عن كوباني الواقعة على الحدود التركية وحيث لم يعد هناك احد باستثناء الفي مقاتل». والمعركة في هذه المدينة الحدودية بين مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الاكراد اصبحت رمزا للمعركة الاشمل ضد المتطرفين. وسمحت تركيا بمرور قوات البشمركة العراقية وعناصر من الجيش السوري الحر، عبر حدودها لمحاربة مقاتلي الدولة الاسلامية ما اثار تنديدا من سوريا التي اعتبرت هذه الخطوة «انتهاكا سافرا» للسيادة السورية. ووافق أولاند على ان كوباني لا تختصر كل المهمة وقال للصحافيين «المدينة الرئيسية» في المعركة هي حلب، ثاني اكبر مدن سوريا. لكن أولاند اضاف «رغم ان كوباني خلت من سكانها، من الضروري تامين التعزيزات اللازمة لها وفي هذا الصدد، لدينا ثقة بتركيا». بدوره، دعا المرجع الشيعي العراقي البارز آية الله علي السيستاني الحكومة الجمعة إلى المسارعة لمساعدة العشائر السنية التي تقاتل جماعة الدولة الإسلامية بعدما أعدمت الجماعة المتشددة ما لا يقل عن 220 من رجال العشائر غربي بغداد هذا الأسبوع. وتظهر تعليقات السيستاني (84 عاما) كيف أن التهديد الذي تشكله الجماعة دفع بعض الشيعة والسنة إلى تجاوز خلافاتهم الطائفية ومواجهة العدو المشترك. وقال السيستاني في خطاب قرأه مساعد له في مدينة كربلاء عقب صلاة الجمعة إن على الحكومة العراقية تقديم دعم سريع لأبناء هذه العشيرة وغيرها من العشائر التي تقاتل «الارهابيين». واضاف أن هذا من شأنه أن يتيح الفرصة للعشائر الأخرى للانضمام للمقاتلين الذين يواجهون «داعش». من جهة اخرى، سيطر تنظيم الدولة الاسلامية الجمعة على شركة للغاز في ريف حمص قريبة من حقل الشاعر النفطي والغازي الذي كان استولى على اجزاء واسعة منه قبل ساعات، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وتعتبر الشركة مصدرا مهما للغاز الذي يتم توزيعه على مناطق عدة، بينها دمشق. وقال المرصد السوري في بريد الكتروني «سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على شركة حيان للغاز التابعة لحقل شاعر للغاز في ريف حمص الشرقي». وكان تنظيم الدولة الإسلامية سيطر الخميس على أجزاء واسعة من حقل شاعر عقب اشتباكات لايام مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها وانسحاب هذه الأخيرة من هذه الأجزاء. وفي شمال البلاد، تتواصل المعارك بين تنظيم الدولة الاسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) الحدودية مع تركيا. وافاد المرصد السوري عن تقدم للمقاتلين الاكراد في ساحة الحرية في وسط المدينة، وفي شمالها حيث «نفذوا عملية نوعية اقتحموا فيها بمصفحة منطقة يسيطر عليها التنظيم بالقرب من سوق الهال». ورد تنظيم الدولة الإسلامية على هذا التقدم ب»تفجير عربة مفخخة» قرب ساحة الحرية. من جهة ثانية، استهدفت 3 ضربات جوية نفذتها طائرات التحالف العربي - الدولي الجمعة «تجمعات وتمركزات لتنظيم الدولة الإسلامية» في وسط كوباني وشمالها، ما تسبب، بحسب المرصد، ب»تدمير مدفعية للتنظيم ومصرع عدد من مقاتليه». ولم يدخل مقاتلو البشمركة العراقيون الذين وصلوا منذ يومين الى تركيا في طريقهم الى كوباني لمساندة الاكراد السوريين، المدينة بعد. ولم تعرف اسباب هذا التاخير. إلى ذلك، رأى خبراء ان ضربات التحالف الدولي شجعت توجه الجهاديين الاجانب الى سورياوالعراق بدلا من ان تكبحه، فيما اعتبرت الاممالمتحدة عددهم «غير مسبوق». وافاد تقرير للامم المتحدة نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الجمعة ان نحو 15 الف اجنبي من 80 بلدا توجهوا الى سورياوالعراق خلال السنوات الماضية للقتال في صفوف تنظيمات مثل تنظيم الدولة الاسلامية. ويعزو التقرير الذي نشرت الصحيفة مقتطفات منه هذا العدد المرتفع الى تراجع تنظيم القاعدة، لكنه يقول إن «نواة» التيار المتطرف لا تزال ضعيفة.