أنصحُ كلَّ شابٍ طموحٍ، لديه رغبةٌ في خوض مجال التجارة، أن يحتفظ بطموحه وأَلاَّ يُعرِّضه لِهَزَّةٍ نفسية، يُصبح معها إنسانًا بطموحٍ مَرَضِي، لن يُوصله لِمُبتغاه، فالأَسلَم أَنْ يَنأى به عن هذا الخطر ويجعله خامدًا راكدًا في ذاته يمده بالأحلام والأمنيات. أَنصحُه بأَلاَّ يُصَدِّق أي جهة تَزعم أنَّها سَتَمدُّ له يدَ العَون، وتأخذ بيده نحو النجاح . إياك أن تُصدقَ ما يُسمَّى دعم المشاريع الصغيرة، وتشجيعَ الشباب على خوض هذا المجال، فالدَّعم المادي ليس كل شيء، بل قد تستلم المبلغ وتتورَّط في تسديده، هذه ليست نظرةً تشاؤميَّة، بل هي نظرةٌ انبثقت من واقعٍ مريرٍ لمشروعين تجاريين في مجال المطاعم، أحد المشاريع لم تَمضِ عليه سنتان حتى كُتب عليه إغلاق المحل لأجلٍ غير مسمى بعد أن كان المحل في أوج نجاحه. والمشروع الثاني كان من حظِّ صاحبه أن يقعَ في يد موظَّفِين مَاهِرِين ، بل مُبدِعِين في وضعِ العَرَاقِيل، إمَّا جهلاً، أو إهمالاً، وما كاد يخرج من عنق تلك المآزق والخسارة ما زالت تلاحقه، حتى وجد نفسه وجهاً لوجه أمام صَدمة إغلاق المحل، بعد جهدٍ مُضنٍ وإزهاقِ مالٍ، وتعبٍ نفسي لمدة ثلاث سنوات أُنفق على المشروع كل ما في الجيب، وتحمَّلت الأسرة بأكملها شظف العيش على أمل خروج المشروع إلى النُّور، ويُعَوَّض كل ما فات. هؤلاء الشباب كانوا يقرأون في سير الناجحين، وصبرهم وكفاحهم ،الذي تبعته إشراقة النجاح ، لكنَّهم نسوا أن أولئك لم يشتكوا من بيروقراطية الأنظمة، أو عدم دراستها، إنَّما كان أغلبيتهم يُكافحُون من أجل الحصول على المال، لكن أَبطَال مقالي هذا، لم تُشكِّل لهم المادة عائقاً، إنَّما كان العائق الأكبر في أمرين: الأمر الأول عرقلة المعاملات، تصوروا أنَّ استخراج تأشيرة عامل لها ما يقارب من شهرين وهي لم ترَ النور؟ والأمر الثاني:هو نظام وزارة العمل الغريب العجيب، الذي حدَّ من استقدام العمالة بطريقةٍ غير مدروسة إذ جعلها مرتبطة بمساحة المحل فبحسب المساحة تُمنح عدد التأشيرات، فهل يكفي عاملان في محل للأكلات السريعة مساحته 115 متراً ؟؟ فلو أنَّ أحد العاملين أصابه مرض أو سافر ألا يُؤثِّر ذلك سلبًا على المحل؟ قد ينطق مسؤولٌ بأنَّ نقلَ الكفالةِ مفتوحٌ على مصراعيه، فبإمكانِ ربِّ العمل أن ينقلَ كفالةَ من يشاء، لكن نَسِيَ هذا المسؤول أن ليست كل الأعمال يتوافر فيها عمال من الداخل مثل مهنة الطبخ الجيد في الأكلات السريعة، كما لا يوجد شباب سعودي كافٍ يرغب في هذه المهنة. وقد يُضيف بأنَّ له أن يستأجر ما يشاء من العمالة من شركات التأجير، لكنه غفل عن أنَّ هذه الشركات لا تتوافر بها عمالة مدربة في كل المِهن، إضافة إلى أنَّها تشترط عددًا معينًا من العمالة قد لا يكون المحل بحاجةٍ إليهم. فهذه العراقيل وأمثالها تقف عائقًا أمام الارتقاء بالمحال وتطويرها إلى أرفع مستوى، وتحد من النشاط التجاري. فلا بد من دراسة جادة للواقع، ثم تُوضع الأنظمة الموافقة والملائمة للظروف والمقتضيات، وتكون هناك استثناءات للمهن الشحيحة. نتمنى على وزارة العمل، أن تكون عونًا لشبابنا الطموح، لا أن تكون حاملةَ وِزر وأدِ الطموح. [email protected]