نسمع ونقرأ عن تشجيع الوزارات للشباب السعودي على الاستثمار التجاري، وتوافر كثير من البرامج التي تدعم المشروعات الصغيرة والكبيرة، إحلالًا للسعودة، وحفاظًا على رؤوس الأموال التي تتدفق للخارج. كل هذا الكلام سمعناه كثيرًا ووعيناه، بل إنَّ كثيرًا من الشباب تحمّسوا لهذا الموضوع حماسًا ينبع من إخلاصهم لوطنهم، لكن الذي يبدو أنَّ بعض الوزارات تُجيد فن التخطيط الورقي الذي تُدعمه الدعاية والإعلام. فأمامي تجربة عصيبة لمشروع تحمّس صاحبه لتلك النداءات، واعتقد أنَّ السبل والطرق أمامه ستكون معبدة، بل مفروشة بالورد والرياحين، خاصة من وزارة العمل ووزارة التجارة، وهو متخرِّج في قسم إدارة ونظُم معلومات، ما يعني أنَّه يمتلك القدرة على التخطيط والعمل المُنظَّم، لكنه صُدم من العراقيل الموضوعة في طريقه، ومع ذلك حاول أن يزيح تلك العراقيل بكل صبر، مرّت على تجربته سنتان، استنزفت منه الجهد والمال وفوق ذلك حرق الأعصاب، كل ذلك من جراء البيروقراطية في بعض الإدارات التي هي عدوة كل عمل ناجح. مرت السنة الأولى في إجراءات التصاريح للعمالة والمحل، واسم المحل وحده أخذت إجراءاته أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر، يعني أنَّ السنة الأولى ذهب معظمها في الإجراءات الروتينية. والإيجار الذي يبلغ (120) ألف ريال، دُفع من الجيوب، على أمل تعويضه في السنوات القادمة، وبعد معاناة سنتين بدأ المطعم في اكتساب ثقة الزبائن لما يمتاز به من النظافة وتنوع الوجبات إلى جانب رخص الأسعار مقارنة مع الجودة العالية للمواد المستخدمة، كان يريد تقديم نموذج للشباب السعودي المخلص الذي يعتبر كل زبون هو فرد من أفراد عائلته، فلا يقدم له إلاَّ ما يرتضيه لأسرته، وبدأ صاحبنا في خطوة التطوير، فبعد دراسة وجد أنَّ المحل بحاجة إلى عمالة إضافية للارتقاء بالمشروع، وعاود مراجعة الإدارات المختصة بروحٍ ملؤها الأمل ظانًا أنَّ المعاناة السابقة مع بعض الإدارات قد انتهت، لكن هيهات فهناك إدارات لا تجيد إلاَّ فن تعقيد المعاملات، حيث فوجئ برفض طلبه بحجة أنَّ المطعم ليس بحاجة، لأنَّ تزويد المطعم بعمالة إضافية يتم بحسب مساحة المطعم!! ما رأيكم في هذا القانون الذي لا يتقبله صاحب عقل، ولا صاحب خبرة في التجارة؟ فأين مقياس الطلب؟ فهناك مطاعم صغيرة المساحة لكن الطلب عليها كبير وتحتاج إلى عمالة لأداء خدمة أفضل، وإلاَّ فإنَّ نقص العمالة سيؤدي إلى انخفاض مستواها! فصاحب العمل هو الأعلم باحتياجه، فهو القائم على عمله. والآن بعد ضبط أمور الاستقدام، وعدم إمكانية تشغيل العامل إلاَّ عند كفيله، فلا حاجة للشرط السابق، فما من رَب عمل عاقل سيسعى إلى طلب عمالة زائدة عن حاجته ليعطيها رواتب بدون عمل. يا وزارة العمل.. الشباب بحاجة إلى أن تمنحيهم الثقة في قدرتهم على العمل، وقدرتهم على التفكير وإدارة أعمالهم بأنفسهم، أليست بعض القوانين الحالية بحاجة إلى إعادة نظر في ظل التغيرات التي حصلت؟! المرونة المرونة -يرحمكم الله- قبل أن يسكن الإحباط نفوس الشباب السعودي الذي يتسم بالنشاط والأمانة والرغبة في العمل من أجل الوطن وأهل الوطن، فتموت المشروعات وهي حديثة الولادة. فهل من أمل يا وزارة العمل؟! [email protected]