* بعض التصريحات تتجاوز كل مراحل عدم القبول لتصل بك إلى درجة (الاستفزاز).. ليس لأنك تعلم أنها تقدم معلومات مغلوطة فحسب، بل لأن قائلها يدرك أنك تعلم أنه يقول معلومات خاطئة، ومع هذا يقولها إما من أجل الدعاية لنفسه أو من أجل تضليل الرأي العام!. * خلعت نظارتي ومسحتها أكثر من مرة وأنا أقرأ تصريح الدكتور خالد طاهر أمين منطقة المدينةالمنورة (2 مارس) والذي قال فيه: إن أمانة المدينة سعت إلى تطوير الأحياء العشوائية بالمدينةالمنورة، حيث تم تطوير 28 حيًا عشوائياً"!!.. تخيّلوا 28 حيا يتم تطويرها دفعة واحدة في المدينةالمنورة، بينما تنفق دول العالم الأموال والسنوات الطوال من أجل تطوير حي واحد !!. ورغم أن عنوان الخبر وبداية حديث الأمين يؤكدان على أن التطوير قد تم وانتهى (بحمد الله) وأن هذا العدد الكبير من الأحياء المدينية أصبحت أحياء مطورة دون أن يشعر أحد من أهل المدينة.. إلا أنك وبعد الغوص أكثر في ثنايا الخبر تكتشف (وهذا ما قد يزيد من درجة استفزازك وغضبك) أن المسألة لازالت في طور الدراسة.. وأن التصريح مجرد فرقعة إعلامية تهدف إلى التلميع، على طريقة (أبشر لك بولد.. لكنه مات)!. * يا معالي الأمين: أهالي الأحياء التي تسمونها (عشوائية) والذين مازالوا يرزحون تحت نفس الضغوط القاسية ليسوا بحاجة لمخططات ودراسات تطويرية، فأغلبهم من الفقراء الذين اضطرتهم الحاجة لسكنى تلك الأحياء والتناغم مع العشوائية والمرض ونقص بعض الخدمات.. كل ما يحتاجونه هو وقفتكم معهم في تخفيف الضغوط المعيشية عنهم، وذلك بتوفير الخدمات الضرورية لتلك الأحياء التي وإن اختلفت في أسمائها وأماكنها إلا أنها تتشابه في ظروف ولادتها من رحم الفقر والعوز.. وفي ظروف نشأتها التي دائماً ما تكون على أطراف المدن!!.. فعندما يتزاوج الفقر والحاجة فإنهما ينتبذان مكاناً قصيا ليخرج مولودهما مشلولا ضعيفا؛ يحتاج إلى الدعم والرعاية؛ أكثر من حاجته إلى الدراسات والتصريحات المستفزة. * التصريحات العقلانية والشفافة التي تحترم عقل وظروف المواطن وتضعه أمام الواقع، تقرّب بينه وبين المسؤول إلى الحد الذي قد يلتمس فيه المواطن العذر لإخفاق المسؤول.. أما التصريحات الاستفزازية التي تستخف بالمواطن وتلمع نفسها على حساب معاناته، فإنها تباعد بينه وبين المواطن كما باعد الله بين المشرق والمغرب. [email protected]