سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
(أجمل) شخصيات البلاد: (رؤية ذاتية) هو سيد البيد. عراف صحرائنا الذي «يستسقي من رمالها قدحًا/ ومن آلامها إبريقًا»، وهو الذي سامق نخيل الجزيرة، ليكون معها صنوان يرتقيان معًا إلى السماء
(نبع أول) مجرد فكرة.. لنثار جديد، قلت فيه لنفسي الأمارة بالكلمات: فلأخرج وأنتم معي من تعب الواقع، وأخبار داعش، ودلق ذواتنا في كل مرة على أبواب بعض الإدارات والمؤسسات، لتضيع عندها دفقات (ثمينة) من ماء الروح والوجع. المهم جاء على بالي كتابة (أجمل) الشخصيات في بلادي برؤية ذاتية، من وحي انبعاثات هذه البلاد (الجميلة) بمقدساتها وشعبها (الكريم)، ولكل منكم الحق -بالطبع- في رفض بعض تلك الأسماء أو كلها.. إليكم اللحظة بياني الإنساني الجمالي: (1) عبدالله الغذامي د. عبدالله الغذامي أستاذ النقد ونظرية الأدب في جامعة الملك سعود، الذي تجاوز بالنقد الأدبي في ثقافتنا من مرحلته الانطباعية الانفعالية الأولى إلى النقد المنهجي، الذي يتكئ على اتجاهات (ألسنية) حديثة في دراسة النص الأدبي.. وهو الناقد (الثقافي) الآن، الذي تجاوز الاشتغال على خطاب الأدب (الخاص) إلى خطابات ثقافية أكثر هيمنة وتأثيرًا على الذهنية الجمعية، بأنساقها ومسكوتاتها ومشكلاتها وأزماتها المتنوعة، كما فعل رواد المعرفة العالمية تودوروف، وجاك دريدا ثم ادوارد سعيد وأركون وغيرهم. الغذامي لم يكن جميلا بريادته النقدية (أدبًا وثقافة) فحسب، ولكنه جميل بتجلياته الحوارية الكثيرة، فهو الذي أضاف للدرس العلمي في الجامعات السعودية (التي درّس بها) تقاليد الدراسة الأكاديمية العريقة رصانة وتفاعلا مع المعطيات الثقافية الغربية، وهو الذي كان أستاذًا لجيل نابغ يُمثِّل الآن (أحسن الموجود) في المشهد الثقافي لدينا، وهو الذي (حول) نشاط المحاضرات التقليدية في مؤسساتنا الثقافية إلى محاضرات حوارية (طازجة)، تستعر معرفة وأسئلة، بصياغته المذهلة على الحوار والإقناع، ولغته الصحيحة التي لا لغو فيها أو لحن أو إثم! وهو الذي كان مالك الدنيا وشاغل الناس في عالم الأدب والثقافة منذ ثلاثة عقود من الزمن. ومن جماليات الغذامي أنك ترى فيه العالم الجليل والإنسان الصادق الأمين، الذي لطالما شرع نوافذه للطلاب والسائلين، ومن يُريدون إيصال أصواتهم الخافتة إلى فضاءات تسمع أنينهم، كان للرجل حقًا جهود نبيلة في التكافل الاجتماعي، بعد أن (كفل) لنا حقنا في المعرفة الخالصة الرائدة. (2) محمد الثبيتي محمد عواض الثبيتي.. من أعظم الشعراء التي عرفتها بلادنا.. صاحب (التضاريس).. الديوان الذي كان انقلابًا لغويًا هائلًا في لغة قصائدنا وأغنياتنا الشجية.. والذي كانت صوره وتراكيبه ورموزه نبعًا (تناصيا) للشعراء من قبل ومن بعد. هو سيد البيد. عراف صحرائنا الذي "يستسقي من رمالها قدحًا/ ومن آلامها إبريقًا"، وهو الذي سامق نخيل الجزيرة، ليكون معها صنوان يرتقيان معًا إلى السماء، وهو الشاعر الذي ملك عصا القريتين، و"كتب نافرة الحروف ببطن مكة/ والأهلة حول وجهه مستهلة". هو الذي "افتض وحده -شاعرا- أبكار النجوم"، فشعت كواكب السماء غيرة ودهشة. هو الذي انشد "للنخيل والكثبان والشيح الشمالي، وللنفحات من ريح الصبا"، وغنى للشمس والجبل الحجازي والبحر التهامي. هو وحده الذي كان يرقينا بالحروف التي لا ترى والحروف التي تتناسل تحت الثرى. هو الذي "مخر لنا جانب الليل/ حتى تدلت عناقيده/ لقمر ناصع وغرام مباح"، وهو الذي "صب لنا وطننا في الكؤوس"، ليدير به الرؤوس حبًا وعزًا. هو الذي كان يدير مهجة الصبح ممزوجة باللظى ثم يأتي بربابته الأثيرة، يموسق بها لآذاننا (المتيبّسة) نداء النخيل والأشجار والأطيار وتعب القرى. الله.... يا محمد الثبيتي... هل ثمة أجمل..؟! (3) طلال مداح الصوت الخالد الذي استيقظنا على تغريده العذب، (ليستلم) بعد ذلك أرواحنا، يجوس بها المطلق الذي ليس له حدود. هو الذي غنت معه البساتين في روابي المثناة، وجبال السروات في تهامة، ونفود الصحاري في نجد.. طلال هو إيقاع أرواحنا المعجونة بألحان الأرض المباركة.. تمتمات الوجع الباذخ لعاشقين كانا يقرآن للتو بيان الالتقاء.. طلال وحده الذي كان يشعل فينا قناديل الفرح المبين، وهو أصدق نداء شجي صدح بآلامنا وأحلامنا وتعبنا وانتكاساتنا المريرة. طلال نداء الروح للكائنات. اشتعال الحنين في العروق. طلال صوت هذه الأرض التي كانت (آهة) واحدة منه تتجاوز بنا أرضنا إلى فضاءات من السمو لا نعلم لها قرارًا أو ندرك لها مصيرًا. هو الذي علمنا كيف نشتاق؟، وماذا نقول لمن نحب؟ وكيف نستحلب الماء من جدب الجذور. (4) رجاء عالم راوية الروح في عالمنا السردي الذي بات يمتد طويلا.. الوعي الأدبي الروائي الذي سبق زمن حكايات البلاد ورواتها.. هي التي كانت تغرد -في آثارها الروائية البديعة- خارج السرب، منذ قبل وقبل وإلى بعد وبعد! اللغة التي كانت خالصة في التعبير عن مغيبات وأسرار واقعنا بشخصياته وطقوسه وتقاليده وأصدائه التي لا تشبه غيرها.. رجاء عالم هي الانهماك الفني الجاد بالخاص والمغاير والأكثر حداثة ودهشة.. وهي تراتيل الروح في أقصى تجلياتها داخل ذواتنا المتشظية.. صاحبة (طريق الحرير) و(مسرى يا رقيب) و(خاتم).. وغيرها من روايات لا تضل الطريق.. (مصب أخير) .. لابد في سبيل الوفاء للجمال، أن أحدثكم في نثار آخر عن العالم الجليل الشيخ عبدالوهاب أبو إسماعيل والأمير سعود الفيصل ود.غازي القصيبي وبدر بن عبدالمحسن وثريا قابل.. وربما آخرين من ماركة (الجمال).. الجمال الذي لا يتكرر! [email protected] [email protected]