بدأ العد التنازلي ل»30 يونيو».. يوم الحسم في مصر، كما يخطط الدَّاعون إلى التظاهر والنزول إلى الشوارع والميادين لإسقاط الرئيس، وإنهاء حكم جماعة الإخوان.. ومع قرب موعد المظاهرات يتصاعد القلق في الشارع المصري من «دموية» المشهد، في ضوء تواتر التصادم بين المدنيين والإسلاميين على مدار الأيام الماضية، كما حدث في وزارة الثقافة، وفي الفيوم، وتزيد حملات الحشد، والحشد المضاد من جانب طرفي الصراع من المخاوف لدى الشارع المصري التي تفرض تساؤلات تبدو مشروعة حول ما قد تؤول إليه الأحداث في الأيام المقبلة.. *هل تنجح القوى المدنية في إسقاط الرئيس؟ *هل تتحوّل مظاهرات 30 يونيو إلى أحداث دموية بين المدنيين والإسلاميين؟ *وهل ينزل الجيش لتولّي زمام الأمور إذا ما اشتعل الموقف، ولاحت نذر حرب أهلية؟ «المدينة» استضافت قيادات حزبية، وخبراء في حلقة نقاشية، في محاولة لاستشراف مآلات مظاهرات 30 يونيو، شارك فيها كلٌّ من القيادي بالحزب الاشتراكي المصري الدكتور نبيل رشوان، والأمين العام للحزب الجمهوري علاء عبدالعظيم، والقيادي بالجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية سلطان إبراهيم، وشارك من الخبراء كل من مدير مركز الدراسات السياسية وعلوم الاتّصال، والخبير الإستراتيجي الدكتور سعد الزنط، ومدير مركز الدراسات الفلسطينية بالقاهرة إبراهيم الدراوي المهندس، وأحمد بهاء الدين شعبان المنسق العام لجبهة التغيير الوطني. * المدينة: كيف تقرأون المشهد المصري في 30 يونيو؟ ** د. نبيل رشوان (قيادي اشتراكي): أخشى أن المظاهرات ستكون دموية، إذ يقودها شباب غاضب من النظام والمعارضة معًا، ويزيد من خطورة هذا الوضع أن الشارع بات خارج سيطرة القوى السياسية، ومَن يتحكّم في الشارع هم شباب يحرّكهم اليأس ممّا آلت إليه ثورتهم، التي سرقها منهم الإخوان، وباقي الإسلاميين. ** سلطان (قيادي جهادي): أرى أن المشهد سيمر بلا مشكلات، وأننا كإسلاميين لن نُستدرج إلى الفخ الذي ينصبه لنا أعداء الوطن، بالانزلاق إلى العنف، ولا أتوقع مشاركة كبيرة من الشعب، فالإعلام يضخّم، ويهوّل من الأحداث؛ لإصابة المواطنين بالفزع والإحباط من الإسلاميين، وقراءتى للمشهد في هذا اليوم أن المظاهرات ستبقى سلمية، حتى التاسعة مساءً، ليبدأ بعدها فصل المولوتوف، والصواريخ من جانب المتظاهرين، كما حدث في العديد من المظاهرات، وعمومًا نظمت القوى المدنية كمًّا كبيرًا من المليونيات من «كش ملك»، و»كارت أحمر»، وغيرهما، ولم تنتهِ إلى نتائج، وتكرار سيناريو 25 يناير وَهَمٌ وخيالٌ لن يتحقق. ** أحمد بهاء الدين شعبان (جبهة التغيير الوطني): أعتقد أن يوم 30 يونيو سيكون يومًا فارقًا في تاريخ مصر، ومن المرجح أن يستعيد الشعب المصري ثورته المسروقة من قِبل فصيل التيار الإسلامي، ومن بعدها سوف يسعى الشعب إلى تحقيق أهداف ثورته التي لم يتحقق منها شيء في ظل حكم الإسلاميين، الذين اغتصبوا السلطة وسرقوا الثورة، وأعتقد أن الشباب الثوري سوف يصلون إلى أهدافهم رغم كل التهديدات التي يمارسها الإسلاميون لإجهاض مسيرة الشباب الثوري، وسوف تتحقق أهدافهم التي يخرجون من أجل تحقيقها، وفي مقدمتها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإنهاء احتكار الإخوان للسلطة بعد أن فقدوا شرعية الشارع، وباتوا يتشدّقون بشرعية الصناديق. *المدينة: هل ثمة ضوابط تحكم نزول الإسلاميين إلى الشارع؟ ** سلطان.. نحن ملتزمون بدعوة الرئيس بألاَّ نُستدرج للعنف، كما يخطط له الطرف الآخر، وسوف نلتزم بضبط النفس إلى أقصى درجة، ولكن لمستوى معين إذا تجاوزته المظاهرات، فلن نقف مكتوفي الأيدي، ولو حاول المدفوعون لإحداث العنف والوقيعة والصدام، فإننا نسعى لتفويت الفرصة عليهم. ** شعبان: لا أعتقد أن الشعب المصري سوف ينزلق إلى العنف رغم تهديدات الإخوان، والتيارات الإسلامية، وفي حال حدوث صدام سيكون الخاسر مصر، كما ستخسر كل الأطراف. وأعتقد أن حدوث عنف سيكون في حالة قيام الإسلاميين بالاعتداء على شباب «تمرد»، وشباب الأحزاب المدنية؛ لإجبارهم على التراجع عن استكمال ثورتهم، كما أن حوادث العنف التي جرت في الفترات السابقة كانت من قِبل الإسلاميين، وأبرزها اعتداء شباب الإخوان على المسيرة السلمية لشباب الثورة أمام قصر الاتحادية. *المدينة: تواتر الحديث في الإعلام عن استعانة الرئاسة، وجماعة الإخوان بعناصر من حماس للدفاع عن النظام والجماعة، ما حقيقة هذا الأمر؛ باعتبارك خبيرًا في الشأن الفلسطيني؟ ** الدراوي (مدير مركزالدراسات الفلسطينية).. أدعو «تمرد»، وكل الفرقاء السياسيين في مصر إلى عدم الزج بحماس في الصراع الداخلي المصري، فمثل هذه المقولات هدفها شيطنة المقاومة، وحماس لن تتورّط في الملف المصري، وتحكمها قناعة راسخة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. نزول الجيش وارد *المدينة: ما هي احتمالات نزول الجيش في ذلك اليوم؟ ** عبدالعظيم (الأمين العام للحزب الجمهوري).. احتمالات الصدام كبيرة جدًّا، ونزول الجيش يبدو حتميًّا، كما نزل في بورسعيد. ** رشوان: أتوقع العنف حتى قبل 30 يونيو، وأرفض وصف المظاهرات التي قادتها القوى المدنية بالفشل، وأرى أن كل المظاهرات نجحت، وأن دليل نجاحها تراجع الرئيس محمد مرسي عن معظم قراراته، كما حدث في الإعلان الدستوري، وإقالة النائب العام في نسخته الأولى، وأتصوّر أيضًا أن الإخوان مصممون على البقاء في السلطة، ليس في استكمال مدة الرئيس، وإنهم يجهزون لعشر رؤساء قادمين، ليحكموا مصر مئة عام على الأقل.! ** الزنط (خبير إستراتيجي): أعتقد أن الجيش وعى درس النزول إلى الشارع، وفي حال نزوله هذه المرة سيكون مختلفًا، فالفريق السيسي رجل معلوماتي (قاد المخابرات الحربية)، وتقديره للموقف أكثر إيجابية من المجلس العسكري، وهو رجل وطني، ولديه قيادات مقاتلة ذات عقيدة عسكرية راسخة، لن تنجر بسهولة للصدام، ولكن إذا حدث صدام في الشارع المصري يهدد سلامة البلاد، سيتدخل الجيش بخطة عسكرية وسياسية لإدارة البلاد لفترة انتقالية، يتم بعدها تسليم الدولة للمدنيين بعد عمل دستور، وانتخابات برلمانية، ورئاسية، لكني أخشى ممّا يُسمّى ب»الطرف الثالث»، الذي قد يتعدّى على قوات الأمن الذين ظلموا خلال الفترات الماضية، وأتوقع في حال حدوث ذلك أن تنضم الشرطة للشعب، أي أكثر من 300 ألف ضابط وعسكري، ولن يسمحوا بالاعتداء عليهم مرة أخرى، فرجال الشرطة يشعرون بالظلم خلال الفترة الماضية. ** شعبان: لا أتوقع نزول الجيش إلاّ إذا ساءت الأمور، وسالت الدماء. هنا يكون نزول الجيش حتميًّا، ومن منطلق وطني، ومن ضمن إطار دوره الحفاظ على الوطن، ودماء المصريين. *المدينة: هل تنجح حركة «تمرد» في إسقاط النظام؟ ** رشوان.. في تقديري أن المظاهرات ليس هدفها إزالة الرئيس مرسي، وإنما الهدف هو اجهاض خطط النظام الإخوانى لتطبيق أجندته للتمكين من مفاصل الدولة. ** سلطان (الجماعة الاسلامية): لن يسقط الرئيس، فهو رئيس منتخب، ويجب أن يستكمل مدته، فمن جاء بالصندوق يجب أن يرحل بالصندوق، لأن إسقاط الرئيس بالمظاهرات يجعلنا أمام كارثة، ويجعل مصر غير مستقرة. التوقيعات لا تكفي *المدينة: هل يمكن الاعتماد على جمع التوقيعات لإسقاط رئيس منتخب؟ ** الزنط.. طبعًا من الناحية القانونية والدستورية لا أعتقد ذلك، ولكن التوقيعات جاءت لترسل رسالة للإخوان أن هناك مَن يرفض الرئيس، وهي نسبة كبيرة ومعتبرة، كما يعلن أعضاء الحركة.. وأعتقد أن يوم 30 يونيو أعطى دفعة معنوية من الناس لهذه التوقيعات، والناس تعيش على أمل نجاح الحملة في إبعاد الإخوان. *المدينة: لكن الطرف الآخر يجمع التوقيعات أيضًا؟ ** الزنط.. توقيعات «تجرد» مجرد إثبات للوجود فقط، وبأن هناك مَن يدعم الرئيس، فيما تمثل توقيعات «تمرد» صداعًا في رأس النظام، حيث تشكك في مشروعيته. ** رشوان.. لا يمكن الاعتماد على التوقيعات لإسقاط النظام، ولكنها رسالة للنظام بأن شرعيته منقوصة، وأنها تتراجع، وأنها تعبّر عن إحباط الشباب المصري من النظام، ومن المعارضة، وهي رسالة سياسية للنظام الحاكم، لكنه فشل في قراءتها. ** عبدالعظيم.. توقيعات «تمرّد» تكشف أن الشعب المصري بمختلف أطيافه كفر بنظام الإخوان، وأن هذا الشعب مصمم على إسقاطه في 30 يونيو. احتمالات التهدئة *المدينة: هل انتهت فرص طرح المبادرات لتجاوز تداعيات الأزمة في 30 يونيو؟ ** الزنط.. الفرصة لا تزال سانحة وقائمة لاحتواء الأزمة، والوقت لم يفتْ بعد، والإخوان لم يتعلّموا الدرس، وأضاعوا فرصة ذهبية على أنفسهم، وفي تقديري أن الرئيس مرسي يتحدث بلغة قديمة، ولم يجدد خطابه بلغة تناسب لغة الشباب الثائر في الشوارع، وفي الميادين، خاصة شباب الإخوان والأقباط، ومع ذلك لم أفقد الأمل في المصالحة، لا سيما أن الإخوان يحكمهم فقه الأولويات، وأن هذا الفقه سوف يجبرهم على القرار الصعب؛ بهدف الحفاظ على التنظيم، بعد أن أصبح التمكين مشوبًا بخطر على تنظيم الجماعة، وهو ما يقودهم إلى القرار الصعب في اللحظات الأخيرة، وإلاَّ أصبحوا شديدي الغباء السياسي، ومن هنا أعتقد أن المصالحة تتحقق في الخطوات الآتية: تغيير الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة توافق وطني تستوعب كافة التيارات، وتعيين نائب عام جديد «ليس طلعت عبدالله، أو عبدالمجيد محمود»، واحترام أحكام «الدستورية».