حضرت حفل تكريم جامعة طيبة لطالباتها المرشحات للمؤتمر العلمي الرابع لطلاب وطالبات التعليم العالي الذي أقيم مؤخرا في رحاب جامعة أم القرى برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وافتتحه معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، هذه المؤتمرات التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين بهدف تنمية الروح العلمية في نفوس أبناء الوطن لإشغال وقتهم وتوجيه فكرهم نحو الإنتاجية العلمية والتنمية المجتمعية المستمرة. والذي دفعني لكتابة هذا الموضوع عدة أسباب منها: تلك الفرحة التي اعترتني وأشاعت في نفسي البهجة والفرح والفخر بطلابنا وطالباتنا. كذلك رغبتي في أن يُغير مجتمعنا نظرته التشاؤمية في شبابنا، وأن يعطوهم الثقة التي تبعث في نفوسهم روح التفاؤل وتُحفّزهم على العمل الجاد. والسبب الثالث هو ذلك الأمل المُلِح في أن تُمحى تلك الصورة الانتقاصية للمرأة التي رَسخت في ذاكرة الأجيال، وتأبى ذاكرة الرجل محوها مهما بلغ من العلم، فأحببتُ أن أنقل صورة ذاك الحراك الثقافي النسائي، الذي شاهدته لعله يقضي على الفكر السلبي المتوارث. فلقد فازت جامعة طيبة بالريشة الذهبية التي حصدتها امرأة في محور العلوم الأساسية والهندسية عن عرض تقديمي بعنوان: (استخدام الطمي المحلي المُحَوَّر كمادة مزيلة لصبغة الإيوسين الملونة) وفازت بعشرة أعمال أخرى كان نصيب المرأة منها تسعة مقابل طالب واحد بواقع 90%. أليست هذه النجاحات كافية للقضاء على تلك المفاهيم المغلوطة للأحاديث النبوية الشريفة التي عُزلت عن سياقها، فكم سمعنا من مُتشدِّق يرمي المرأة بقصور العقل على إطلاقه، وانعدام النباهة على علاَّته، مُردِّدين بدون وعي (المرأة ناقصة عقل ودين)، وشتان بين تركيب هذه الجملة وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (لم أر من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن)، فالرسول الكريم الذي أوصى بالنساء خيرًا حتى مماته، لم يرمِ أبدًا إلى انتقاص قدر المرأة والتحقير من شأنها، إنما يشير سياق الحديث إلى أنه أراد صلى الله عليه وسلم أن يُعلّمنا بأن المولى عز وجل قد جعل لكل من الرجل والمرأة مصدر قوة، فالرجل تغلب عليه القوة الجسمية وقد يعتريه الضعف لظروف طارئة، تزول بزوال المُؤثِّر، والمرأة تغلب عليها القوة العاطفية، وما قد يعتري هذه القوة من نقصان، إنما هو نقصان عارض له مواطنه المحددة وأزمنته المبينة. ويُساند هذا الفهم ويعاضده، الشطر الثاني من الحديث (أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن)، فأشار إلى ما نعده نحن نقصًا فيها، هو مصدر قوة لها، إذا استعانت بذكائها وفطنتها تمكنت من أن تغلب الرجل، وليس أي رجل، إنه الرجل الحازم. ومن منَّا يستطيع أن يُنكر انهزام أعظم الرجال، وأكثرهم قوة وبطشًا أمام عاطفة المرأة. [email protected]