في عصر ثورة المعلومات وتدفقها بالوسائل التكنولوجية الحديثة؛ طرأت كثير من المتغيرات السلبية والإيجابية على شتى مناحي حياتنا، "الدينية والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية، والثقافية والنفسية". فمن الناحية الثقافية، كان للعولمة أثرها في تشكيل الفكر، إذ أصبح بمقدور الفرد أن يطّلع بلا قيود على ثقافات الأمم الأخرى، فلم يعد الكتاب المُرَاقب هو الوسيلة الوحيدة لتصدير الثقافة، إذ ظهر له منافسون استطاعوا جذب نظر وفكر القارئ. فكان المذياع والتلفزيون وما يبثه من فضائيات، والإنترنت، هذا الأخير الذي كان له السبق في ذلك الجذب. ومن هنا ظهرت على الساحة الثقافية أسئلة ملحة مثل: 1- هل فعلاً احتل الكتاب الإلكتروني مكانة الكتاب الورقي واستطاع أن يُعلن زواله؟! 2- هل أصبحت ثقافتنا في خطر يُهدِّد أصالة هويتنا؟! 3- ما الحلول والمقترحات التي يمكن العمل بها لحفظ التوازن الذي يضمن لنا مواكبة العالمية مع الحفاظ على هويتنا؟! لا توجد دراسة علمية موثقة عن جدلية الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، إنما هناك آراء لبعض المثقفين العرب تباينت في طرحها بين مؤيد ومعارض، وفريق ثالث أمسك العصا من وسطها، ورأى أهمية الكتابين. ويبدو لي أننا إذا تخلصنا من حماسنا المفرط للتكنولوجيا العصرية، وتفريطنا في أصالتنا الفكرية، وتخلصنا أيضًا من حماسنا المفرط لكل ما هو قديم من أجل قدمه، نستطيع أن نحفظ لكل من الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني حقه، وأن نجعل العلاقة بينهما علاقة تكاملية، فكل منهما يكمل الآخر ولا يمكن أن يُلغيه. وعلينا أن نسعى لوضع الحلول التي تزيل العراقيل للاستفادة من كلا الرافدين من أجل نشر المعرفة. وقبل كل شيء علينا أن نُحدِّد ماذا نريد من الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي، فنحن لا نسعى إلى الكمية بل إلى النوعية. وكما أننا بحاجة رقابية أكثر انضباطًا على الكتاب الإلكتروني، فإننا بحاجة إلى التخفيف من حدة الرقابة على الكتاب الورقي. [email protected]