لا أعرفُ عددَ المصانعِ الموجودةِ في محافظة طِرَيفْ، ولا أدري هل يعلمُ المسؤولون، أنّ سكانَها مُهَدَّدُون بِمُخَلَّفاتٍ غازيةٍ ؟ واحْتِبَاسٍ حراري؟ وتَلَوُّثٍ جَوِّي؟ وتَلَوُّثٍ بيئي؟ وأمطارٍ حِمْضيّة؟ جرّاء أدخنة المصانع ، التي باتت تشاركُ الأهاليَ حتّى أطْعِمتهم؟!! والسبب- كما اتفق المواطنان: فيصل فرج العنزي وراكان مرهق العنزي-:"تطايرُ هذه المَوادّ في الجو، إلى أن تصلَ المنازل، مما أثار استياء كثير من الأهالي" ويطالبان شركات المصانع ب" وضع مصاف خاصة (فلاتر) على مصانعها، تقللُ من خلالها الشركات، مِن تصاعدُ تلك الأبْخِرة، ومِنْ أضرارها على البيئة والإنسان" (صحيفة الوطن، 17 محرم 1434ه، ص 10). هل هُوَ مطلَبٌ صَعْبٌ ؟ أليس حقا من حقوق الإنسان، يحميه من المخاطر، ويضمن له حياةً مستقرِّةً آمِنَةً، ينقصها اهتمامُ بعض المصانع، بالحفاظ على حياة الإنسان: حاضراً ومستقبَلاً، بعيدا عما ينغِّصها، ويجعله لا يستعيدُ بشكل أو بآخر الماضيَ الكئيبَ، يوم أن كانَ يَمْشِي خائفاً وجِلاً يترقّب، إلى أنْ أنعمَ اللهُ عليْهِ بالأمن والاستقرار والأمان. "ولَمْ أر في عُيُوبِ النّاسِ عَيْبَاً/ كَنَقْصِ القَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ" ينطبق على واقع بعض المصانع، وقد تَخَلّت عن مسؤوليتِها الاجتماعية، ناهيكَ عن الوطنيّة، فالمصانعُ في أيِّ مجتمعٍ بَشَرِيّ كان، تُؤَمِّنُ الغِذَاءَ، والدّواءَ، والكِسَاء، ومن الخطأ إهمالُ العلاقة التي تربط السكان، بالمصانع في مناطقِهم، ومحافظاتِهم، فتستأثرُ المصانع باللُّباب ، وتقذفُ في وجوهِ السكان بالقُشُور، وتنقلُ لهم العِلَلَ والأمراض. في غمرة التنمية المستدامة في المجتمع السعودي، لا ينبغي إهمال الإنسان، فهو صانع التنمية، وهِيَ مِنْ أجْلِه، وله. وإذا كانتْ بعض المصانع نسيتْ هذا الهدف، فينبغي إيقاظُها مِنْ غَفْوتِها، ولا يجوز لها أنْ تهدِّد حياة الإنسان، فأدوارها الإيجابية تتطلب منها أن تكون عوناً له لا عالة عليه، وبهذا التفكير ترتقي المصانع، وتتطور، بينما يظل مضمونها هدفا من أهداف الإنسان، المتطلع دوما إلى ما يجنبه مخاطر أدخنة المصانع وأبخرتها. خَلِّصوا أهل محافظة طِرَيفْ، من وباءٍ يوشكُ أنْ يَعُمّ. أوقفوهُ عند حدِّه،فالإنسانُ أغلى ما في هذا الكوْن، وبددوا تخوفاته، التي تعبر عن واقع مرصود، تشهده المحافظة الآن، مما يعني بقاء عملية التنمية في منتصف الطريق، ويتطلب بالتالي إيقاف عبث بعض المصانع، التي لا تحترم واجباتها ومسؤولياتها، والتعبير عنها بمضمون علمي وأخلاقي رفيع. [email protected]