“حي لا يصلح للسكن الآدمي”، هذا هو الوصف الذي يطلقه أهالي الأجواد على حيهم القابع شرق الخط السريع بمحافظة جدة؛ فهو مليء بالمخلفات والأخطار التي تهدِّد حياة ساكنيه، خصوصا بعد الكارثة الأخيرة التي حلَّت على جدة. الأهالي يستنشقون الهواء الملوث يوميا، ويزعمون أن الأمانة هي التي تسببت في ذلك بنقلها معامل إعادة التدوير إلى حيهم، وانبعاث الغازات السامة منه. “شمس” تحدَّثت مع أهالي الحي، ونقلت معاناتهم، وخاطبت الأمانة التي أكد مسؤولوها أنهم سيجولون على المعامل للتأكد من صحة شكوى المواطنين من عدمها. تقاعس الأمانة خلفة الأحمري، أحد السكان، أكد أن البقاء في الحي أمر لا يُطاق في ظل تقاعس الأمانة وعدم التفاتها إلى هموم السكان. ويضيف: “المشكلة أن الحي أصبح وجهة لكل مخلفات المدينة؛ فتشليح السيارات وبحيرة المسك ومجمع السيارات الهالكة بعد الكارثة كلها في حدود الحي الشرقية، أضيفت إلى ذلك أخيرا بحيرة صغيرة في وادي عصاري”. حصار أوبئة ويؤكد سعيد الزايدي أن الواقع المرير لسكان الحي لم يقف عند رمي المخلَّفات فقط، وتحملهم عقبات ذلك؛ بل طال ذلك صحتهم؛ فالأمراض بدأت تحاصرهم، ويقول: “الأبخرة التي تغازل أجواءنا كل مساء وتنتهك حرمات منازلنا أصابتني وأفراد أسرتي بحساسية في الصدر، فما يميز حيِّنا هو الأبخرة المنبعثة من جراء حرق المعادن والأدوية التالفة وإعادة تدويرها، وهذا الأمر يجبرنا على أن نلزم منازلنا ابتداء من العاشرة مساء حتى ساعات الصباح الأولى!”. ويضيف: “حين ننظِّف فلاتر المكيفات نجد فيها غبارا أسود، وأظن أن حال رئتي وأفراد أسرتي ليست ببعيدة عنها!”. إلغاء الطابور المدارس التي تقع في حي الأجواد في غالب الأيام تلغي طابور الصباح، هذا ما أكده سعد الأحمري وكيل مدرسة متوسطة، ويقول: “في الوقت الذي تقيم المدارس فيه برنامج الطابور الصباحي نجد أنفسنا مضطرين إلى إلغائه؛ لأن الوضع غير صحي أبدا؛ فوجود الطلاب في الفناء الخارجي في ظل الأبخرة المنبعثة من أماكن إعادة تدوير النفايات الطبية والمعدنية يؤذي الطلاب؛ فحالات العُطاس المتتالية تبدأ من بعد منتصف الليل حتى بزوغ الشمس، وهذا دليل قطعي على أن تلك الأبخرة والدخان مؤذية، وغالبية سكان الحي لا يكادون يسلمون من الأمراض الصدرية بأنواعها”. ويضيف الأحمري: “شرق الخط السريع تم إعداده قبل 30 عاما ليكون مصبا لنفايات المدينة، والسؤال هنا: حين عرفت الأمانة أن هذا المكان سيصبح مصبا لكل هذا، لماذا خططته ووافقت على تقديم الخدمات فيه؟؟.. المطلوب الآن من أمانة جدة أن تمنحنا فرصة للحياة بعيدا عن التلوث؛ ففي كل يوم نفاجأ بأن كل ما تلفظه المدينة يأتي إلينا، ونحن المتضررون!”. مخلفات وأضرار وعن المستجدات في الحي يقول محمد البقمي: “الحياة هنا لا تطاق؛ فقد أصبحنا نمنع بأنفسنا بعض الجهات من رمي المخلفات؛ حيث عادت الأمانة لرمي بعض المخلفات، وقالوا لنا إن ذلك فقط لفترة محدودة، إضافة إلى أن الأمانة ردمت مجرى السيل الذي يحمل الماء من وادي عصاري ووضعت سدودا ترابية في المنطقة التي جعلتها حجزا للسيارات التالفة بعد كارثة قويزة، وهذا يمثل خطرا على السكان”. ويضيف: “هبَّ عدد من أفراد الحي للتأكد من وجود فلاتر تنقية في معامل إعادة التدوير، لكننا فوجئنا بعدم وجود شيء من ذلك، وهذا يعني أن كل الهواء الذي نستنشقه قاتل، وهذا ما أكده أحد العاملين في المصنع؛ حيث ذكر لنا أن الأبخرة والدخان الناتجَيْن عن إعادة التدوير ضاران”. مخاطر حقيقية سكان الحي يتساءلون عن سبب نقل معامل إعادة التدوير إلى حي الأجواد، ويقول عبدالعزيز الغامدي: “عندما اشتكى سكان ذهبان نقلوا المعامل إلى حيِّنا دون مراعاة لمشاعرنا وصحتنا؛ فالحي كما يعلم الجميع محاط بمخاطر كثيرة؛ فلا بد من التفاتة المسؤولين لها”. وأضاف: “من الأشياء التي استغربتها أنني في أحد خطاباتي لأمانة جدة أفادوني بأن المعمل المقدمة ضده الشكوى مصرح له بإجراء تجارب، وهذا يعني أن حياتنا لا تهم أحدا!”.