على أصوات الأناشيد والأهازيج التراثية القديمة التي يطلقها البناءون، انساق زوار معرض «ملتقى التراث العمراني الوطني الثاني»، والذي أقيم بالمنطقة الشرقية، ليشاهدوا إرثًا تراثيًا عمرانيًا لعدد من مناطق المملكة، حظيت بتفاعل الجميع من نساء ورجال وكبار وصغار، من مواطنين ومقيمين، أنجذبوا بما رأوه من عمليات البناء التقليدي الذي قادهم للمشاركة والتصوير أمام المباني ومع البنائين والحرفيين. محمد الغامدي (أحد الحرفيين المشاركين في المعرض لإبراز تراث البناء في منطقة الباحة) أبدى سعادته وسروره بهذه المشاركة وهذا التفاعل من الجهور، وقال: إنني وزملائي المشاركين من الحرفيين أبناء الباحة شاركنا أكثر من 5 مرات داخليًا وخارجيًا، وهذا الملتقى أبرزنا كحِرفيين وأبرز أعمالنا للناس الذين كان أغلبهم لا يعرف شيئًا عن عملية البناء القديمة والتي اندثرت تقريبًا، ولكن هذا الملتقى أبرزها وأعادها مرة أخرى والدليل إقبال الناس علينا وطلباتهم. وأكد إبراهيم الحمدان والذي يعمل في البناء بالطين منذ 35 سنة، أن هذه الحرفة أيضًا كانت منذ 10 سنوات شبه ميتة، إلا أن جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار أثمرت في إعادتها وتعريف الناس بها مجددًا، وقال: نحن نشارك ببناء طين حقيقي حيث نقوم بالبناء أمام الناس ليشاهدوا مراحل البناء بالطين، والآن أصبح لدى الجمهور وعي كبير، وقد أثمر ذلك عن تشجيعنا وتحفيزنا للعمل مرة أخرى، ودعا الشباب إلى التعرّف على هذا التراث، وأبدى استعداده لتدريب أي شخص لديه الرغبة للعمل في هذا المجال. فيما قال المشارك أحمد رحيمي والذي شارك ببناء تراث أملج، إنهم مجموعة حرفية ذات باع طويل متخصّصون في بناء طراز أملج كالبناء القديم بالحجر والطين والعشة، حيث قاموا بدمجها ليرى الناس موروث أملج، وتمنى أن يكون هنالك دعم من قبل الدولة ورجال الأعمال لمثل هذه المشروعات لتشكل استثمارًا كبيرًا لأي شخص يرغب العمل فيه. وقال الحِرفي محمد الصعنون: إن حِرفته صنع حرف ملبن والمثاعب والأوتاد والجريد والخشب وكل أدوات البناء الطيني وما يتعلق بالنحت على الخشب، معبّرًا عن سعادته بتفاعل الناس وإقبالهم على هذه الحرف، وقال: هيئة السياحة أبرزت جهودنا، فهذه الحرفة هي مصدر دخلي الوحيد وهي مجزية بحمد الله متى ما أتقن الشخص حرفته، وهذه الحرفة من الممكن أن تصبح مجالا تجاريًا مميزًا، مبديًا استعداده لتدريب أي شاب سعودي في هذه الحرفة. وعبّر الحرفي ناصر الجديعي والذي يمتهن حرفة النحت على الحجر منذ 17 عامًا، عن اعتزازه بهذه المشاركة، وقال: هذه المهرجانات عرّفت الناس بنا وبتراثنا وزادت من دخلنا نظير الطلبات التي نتلقاها، وأنا أسعى دائمًا لتطوير حرفتي عبر التعلم ممن سبقوني فيها، ونوّه بجهود هيئة السياحة وبأنها سهّلت لهم المشاركات. من جانب آخر، طالب عدد من زوار معرض «ملتقى التراث العمراني الوطني الثاني» الذي أقيم قبل أيام في المنطقة الشرقية، بإقامة مثل هذا المعرض في مناطق المملكة المختلفة، معربين عن سعادتهم بحضور هذه الفعاليات ومشاهدة مراحل البناء التراثي والأعمال الحرفية على الواقع والمشاركة فيها. وقال سعد الهاجري: إن هذا المعرض خطوة طيبة لتعريف الجيل الحالي بتراثهم الوطني وخطوة نؤيدها كثيرًا ونتمنى أن تتطور وتشمل جميع أنحاء المملكة. ونوّه بإقبال الجمهور على المعرض، وقال: إن ذلك يأتي من حب للمعرفة والإطلاع على التراث. أما المقيم أحمد فوزي والذي حضر برفقة زوجته وطفلته، قال: إن طفلتي انجذبت نحو ركن التلوين (لون مع التراث) بعد أن وجدت كل ترحيب ومساعدة من الأخوات المشرفات على الركن، كما أنني سعيد بما شاهدته من أعمال حرفية وبناء لم أكن أعرف عنها سابقًا فقد اعجبتني طرقهم في البناء، وأضاف: أنا اعتبر أن المعرض إضافة لي فلم يكن لدي علم بأن لكل منطقة من مناطق المملكة تراث في البناء مختلف عن الأخرى حتى شاهدتها اليوم. ويتمنى المعلم إبراهيم الشمري أن يمتد المعرض لأيام عدة حتى يتسنى له احضار تلاميذه ليشاهدوا هذا التراث العمراني الجميل الذي نفتخر به، واشار إلى أن ترتيب المهرجان رائع ونتمنى استمراره. فيما وصفت المواطنة سندس الفداغ هذا المعرض بالخطوة الرائعة والجميلة، وقالت: هذا المعرض مبادرة جميلة ليتعرّف الأحفاد على ما امتهنه أجدادنا من حِرف، متمنيةً أن تتاح الفرصة لمشاركة النساء عبر حرفهن التي كنّ يمتهنها.