من المؤكد والثابت أن القيم والثوابت المشتركة بين الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي كثيرة جدًّا، قد تصل إلى حد التطابق في داخل هذه المجتمعات وأفرادها، ولهذا كان التعبير عن هموم الإنسان في هذه المنطقة عبر وسائل الفن المختلفة وبخاصة الدراما يكاد يكون قريبًا في طرحه من خلال القضايا التي تطرح، والموضوعات التي تتناولها المسلسلات المختلفة.. ولئن كانت هذه الأعمال في السابق مقصورة على الكادر الفني في كل بلد من البلدان؛ إلا أن هذا الحال تغير في السنوات الأخيرة، حيث شهدت بعض الأعمال مشاركات لعدد من النجوم من السعودية على وجه التحديد، حيث ازدادت في السنوات الأخيرة مشاركة الفنانين السعوديين ضمن الأعمال الخليجية حتى غدت ظاهرة واضحة للعيان.. والوجه الإيجابي لهذه المشاركة الواسعة أنها تفتح النوافذ أمام الفنان السعودي للانطلاق وعدم التقوقع في المحيط المحلي، بما يعود عليه بالنفع من خلال الاحتكاك والوقوف على التجارب المختلفة، أما الوجه السالب في هذه المشاركة أن شركات الإنتاج أصبحت تدرك قيمة الاسم السعودي التسويقية، فتعمد إلى إشراك وجوه سعودية في الأعمال التلفزيونية من باب ضرورات الإنتاج واللعبة التسويقية باجتذاب أكبر عدد من المشاهدين وليس من باب الموهبة أو الضرورة الفنية، لتظهر بعض الوجوه التي لم يعرف لها سابق نشاط فني داخل المملكة، أو حضورها باهت لا يرقى إلى المستوى، لتجد حظها في هذه المسلسلات عبر أدوار تسيء للفن والممثل السعودي.. هذه القضية بشقيها الإيجابي والسلبي قدم عدد من الفنانين إفادات مهمة حولها في سياق هذا الاستطلاع.. تحت سقف واحد يستهل الحديث الفنان عبدالمحسن النمر بقوله: نعم أنا مع وجود العنصر السعودي، بما أن القضية متعلقة بالفنان السعودي في الأعمال الخليجية أو العكس؛ ولكن حين تستدعي الحاجة الدرامية ذلك، وأرى أن نبتعد عن تلك الرؤى، فكما قلت جميعنا في دول الخليج نستفيد من بعضنا البعض ونعيش تحت وطن واحد؛ فالفنان الخليجي -بغض النظر كونه سعوديًا أو لا- عند مشاركاته في أعمال بإنتاج مختلف فإن هذا يعود عليه بالفائدة، لأنه يحتك مع عناصر فنية خارج بلده، فوجوده يعتبر إضافة شخصية له. الفنان والمخرج المنتج عمر الجاسر: لا شك أن الفنان السعودي استطاع أن يصنع حضورًا قويًا في الدراما ذات الإنتاج الخليجي، ورغم ذلك فهناك فنانون سعوديون وهناك من يدعون الفن، لكن الثابت أن الفنان الحق لا يرضى لنفسه أن يكون ممثلًا لا مبرر لوجوده في المسلسلات الخليجية، والكثير من الدخلاء على الفن السعودي يتم إشراكهم في المسلسلات لأنهم يحملون الجنسية السعودية فقط، وقد تجد بعضهم لا تتعدى مشاركتهم عملًا واحدًا أو عملين وبأدوار ثانوية، وبعضهم يستمرون في العديد من الأعمال الخليجية، ويستثمر المنتج الخليجي ضعف أجر هذا الفنان ومحدودية دوره لأنه يبحث عن الشهرة، وبالتالي يعد نفسه ممثلًا سعوديًا. ولا شك أن مشاركة الفنان السعودي في المسلسلات العربية والخليجية تضيف إلى تجربته الكثير لاسيما في غياب المعهد السعودي المتخصص لتعليم الممثلين لذا فإن مشاركة الممثل السعودي مع عمالقة الفن العربي تضيف إليه الكثير من الخبرات. مسائل مادية ويرى الفنان جميل علي أن وجود الممثل السعودي في الأعمال الخليجية تحكمه مسألة مادية في كثير من الأحيان، ماضيًا من ثمّ إلى القول: استطاع عدد من الفنانين المحترفين والمعروفين أن يسجلوا حضورًا للفن السعودي ويكوّنوا جمهورًا خارج المملكة والخليج بالرغم من انطلاقتهم القديمة، وهذه الحقيقة لا تفوت على الفضائيات العربية لأن الممثل السعودي الآن أصبح معروفًا ومشهورًا ومصنفًا من قبل دولته لذا نتمنى أن يواصل الفنان السعودي تفوقه وقوة تواجده فهو احد أسباب نجاح المسلسلات والبرامج. من جانبها تستنكر الممثلة رانية محمد تعامل المنتجين السعوديين مع الفنانة السعودية وتساءلت: أين الممثلات السعوديات من الإنتاج السعودي؟، ماضية إلى القول: للأسف إن المنتجين السعوديين يستعينون بالممثلات من خارج السعودية متجاهلين السعوديات اللاتي لهن خبرة كبيرة في التمثيل، والملاحظ أن الإنتاج الخليجي يستعين دائمًا بالفنانة السعودية بينما المنتج السعودي يتجاهلنا بطريقة غريبة، وأنا من هنا أوجه ندائي لجمعية المنتجين السعوديين أن ينظروا في أمرنا لأننا هنا لخدمة الإنتاج المحلي قبل الإنتاج الخارجي. تجاوز الحواجز والعوائق وكسابقيه يرى الفنان حبيب الحبيب أن الأعمال المشتركة تصب في مصلحة الدراما الخليجية أولًا وأخيرًا، معللًا ذلك بكون التعاون المشترك بين الدول الخليجية في الأعمال الدرامية يفتح المجال للفنانين في مختلف دول الخليج ليكشفوا عن إبداعاتهم، ويفجروا الطاقات المكنونة لديهم، ومشاركة الفنان السعودي في إنتاج خليجي هذا أمر طبيعي لأنه يشارك في عمل يضم مواطنين أشقاء، فكان النتاج وحدة جميلة وأعمالا مشتركة، ورغم أن هذه الفكرة كانت موجودة في السابق إلا أنها برزت في السنوات الأخيرة بشكل أكبر. توحّد فني وعلى ذات النسق المشيد بفكرة الأعمال المشتركة يقول الفنان مشعل المطيري: الدراما الخليجية توحد الخليج أكثر مما تفعل السياسة، ولهذا كنت من المؤيدين لتجربة الأعمال الخليجية المشتركة منذ سنين، وما زلت أؤيد ذلك وأتبع هذا المنهج في أعمالي، لقناعتي أن الاحتكاك بين الفنانين في هذه الأعمال ينتج خبرات كثيرة، مما يؤدي إلى الارتقاء بمستوى الدراما بشكل عام على مستوى الخليج. نحو العالمية ويشارك الفنان الكويتي يعقوب عبدالله بقوله: الدراما السعودية والكويتية وبقية دول الخليج جميعنا أصبحنا دراما خليجية واحدة ولا يوجد هناك تفريق، وأي نجاح لأي عمل درامي فهو نجاح للجميع، والدراما السعودية والفن السعودي موجود من زمان، والفن والفنان السعودي سيصل للعالمية وهذا فخر واعتزاز لنا كخليج.