المرأة السعودية تعتبر اليوم بِحَقّ هي مالئة الدنيا وشَاغِلة الإعلام، وسَارقة الاهتمام، فلا حديث إلا عنها ولا اهتمام إلا بعملها!! فقبل سنتين، وفي الوقت الذي يجد الشباب صعوبة في الالتحاق بمهنة المحاسبة في الأسواق التجارية؛ وبراتب لا يتجاوز في الغالب (1500 ريال) ؛ كانت الأبواب تُفْتَح للمرأة أو الفتاة في تلك المهنة، وبراتب يتجاوز(3000 ريال) . وقبل أيام الخطوط السعودية تعلن عن استحداث وظائف للفتيات، ؛ أما الجديد فهو تخصيص إحدى القنوات مسابقة لاستقطاب المذيعات السعوديات فقط؛ فما على الفتاة إلا أن تبعث بياناتها، ومقطع فيديو لتجربتها بصوتها وصورتها؛ لِتصبح بذلك بِنْتَاً للوطن. الأحداث تتسارع والأصوات ترتفع فيما يخص قضايا المرأة وخروجها من عَالَمها، وبعض النساء يُهَرولن بذات الاتجاه بدعوى البحث عن الحقوق والحرية المسلوبة. (نعم للمرأة حقوقها الواجبة لها)؛ لكن هل تمت الإفادة من تجارب المجتمعات حولنا التي عاشت فيها المرأة (الحرية) بكل تفاصيلها، ومارست فيها الأعمال بشتى صورها. إليكم نموذجاً واحداً فقط، ففي (مِصْر) كشف تقريرٌ أصدره المركز المصري لحقوق المرأة عام 2010م عن زيادة معدلات جرائم العنف ضد المرأة، وفي مقدمة صوره جاء العنف الجسدي بنسبة (71% ) ، بواقع (933 جريمة) من أكثر من (1300 جريمة) تَمّ رصدها. وأشار التقرير إلى أن (72% ) من النساء المتزوجات و (94% ) من الفتيات يتعرضن للتحرش في الشوارع ووسائل النقل العام، بل وصل الأمر إلى أن تكون صورة التحرش جماعية في الطرقات والميادين!! وفي خضم تلك (الأحداث وأجواء الحريات المزيفة)، وعندما أصبح لبعض الشعوب العربية حَقّ اختيار حياتها ومصيرها بعد الثورات الأخيرة، كان خَِيارُها الأول بعد تجاربها تلك العودة لصورة المجتمع المسلم المحَافِظ، كما حدث في مصر وتونس!! فذاك المجتمع المصري يُهَلّل لظهور أول مذيعة مصرية محجبة في التلفزيون الرسمي، وكان ذلك من المحرمات الرسمية، وهاهو يفرح بمضيفات محجبات على الخطوط المصرية في سابقة تاريخية. وهنا أعتقد أن المنطق والعقل يناديان بأن يقرأ مجتمعنا التاريخ، وأن يَسْتلهِم الدروس من تجارب المجتمعات الأخرى، وأنّ يبدأ من حيث انتهت. ويبقى السؤال: مَسِيرة المرأة السعودية إلى أين؟! وهو ذات السؤال الذي رددته الدكتور سهيلة زين العابدين في طَور حياتها الأول!! [email protected]