سعدت بالقرار الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة - والذي يدير شؤون مصر حاليا- والمتضمن تشديد العقوبات على جريمة التحرش الجنسي والتي قد تصل الى الإعدام أو المؤبد لكل من يرتكبها. وذلك حتى تكون رادعا لكل من يفكر للقيام بهكذا تصرف. أعتقد أننا بحاجة لمثل هذه القوانين الحازمة والصارمة في مجتمعاتنا العربية. بل وأعتبر أن هذا القرار في مصر يستحق الإشادة وان كان قد تأخر لسنوات! ولعل الدافع لإقراره الآن هو ما تعانيه مصر من اختلال أمني. لا أعتقد أن أحداً يجهل بشاعة التحرش الجنسي ومقدار الضرر الذي يلحق بالضحية المتحرش بها سواء الضرر النفسي الذي يشمل عدداً من الأعراض النفسية التي قد تتطور الى اضطرابات نفسية مزمنة؛ أو حتى الضرر الذي يلحق بالأسرة ككل. ولكن الغريب أن نبرر ونحاول أن نلتمس الأعذار لمرتكب هكذا جريمة!!. ففي تحقيق عن هذا القرار أوردته صحيفة الشرق الأوسط!! يذكر أحد الأطباء النفسيين المصريين ما مضمونه أن في قضية التحرش الجنسي طرفين..فاعلاً ومفعولاً به، ويتساءل لماذا نشدد ونغلظ العقوبة على الفاعل ونترك معاقبة المفعول به!! وأن علينا أن نعاقب أيضا الضحية (المفعول بها) لأنها هي المحرض!!. الغريب أن يصدر هكذا كلام من طبيب نفسي! وهو من المؤكد بحكم خبرته مرت به حالات لم تكن الضحية المتحرش بها مرتدية ملابس فاضحة أو مغرية! لأنه ببساطة ضحايا التحرش الجنسي ليسوا من النساء فقط! بل هناك الأطفال من الجنسين ذكورا وإناثا! وهناك أيضا حتى الشباب من الذكور!. ليجيبني على سؤال كيف يحرض طفلة أو طفل أو حتى شاب على التحرش بهم؟!على افتراض أن المرأة تحرض الآخرين بلبسها الفاضح؟ كيف بالله؟.ولنعود لنقطة التحرش بالمرأة. الواقع يعطينا كثيرا من الشواهد أن التحرش حدث حتى للنساء المحجبات والمنقبات!! أين التحريض!. وحتى ارتداء المرأة للبس الفاضح لا يعتبر مبررا وعذرا نعطيه للشخص إذا تحرش بها!. والا لارتكب كل الرجال في الدول الغربية وغيرها -التي لا ترتدي غالبية النساء فيها الحجاب- جريمة التحرش الجنسي!!. صحيح أن هناك نسب تحرش جنسي مرتفعة..لكن عندما نتحدث ونتهم المرأة بأنها السبب في جريمة التحرش. أفكر في الدول الغربية أكثر والذين هم أولى أن يستخدموا هكذا مبرر! الا أنهم فعليا لا يستخدمونه، بل على العكس يسنون القوانين الصارمة للجاني.. ويضعون البرامج التأهيلية للضحية ويتعاطفون معها. الغريب أن شبيه هذا الرأي صدر عن أحد دعاتنا الأفاضل عندما سألته إحدى المتصلات في البرنامج عن شخص يتحرش بابنته!!! لم يعطها الفرصة لتكمل واكتفى بالرد بأن هذه فاحشة وانتقل بسرعة إلى لوم الفتاة ولباسها..وأن الفتيات لا يتحشمن في لباسهن والأب لا يلام فهو شاب وله غرائزه!!. ما يزيد جريمة التحرش بشاعة هنا أن يتحرش أحدهم بابنته! ثم يأتي من يبرر ويعذر الأب!!. في الختام التحرش الجنسي جريمة لا تبرر ولا تغتفر! وأعتقد أن يوم القيامة يحاسب الله مرتكبها ولا ينفعه أو ينجيه من العقاب أن يبرر جريمته بما ارتدته الضحية! الغريب أننا حتى في التحرش نلوم المرأة وننسى مسؤوليتنا واختيارنا لأفعالنا التي بناء عليها سوف نحاسب!!.