صفاء الذهن طريق إلى راحة البال، والعيش في هناء وسعادة. ومع أن الوصول إلى هذه الحال يتطلب مهارة ذهنية، وربما ذكاءً عاليًا، حتى ينعم الشخص براحة البال، إلاّ أن الذهن الذكي ربما يكون سببًا في إتعاب صاحبه، وجعله يعيش في عناء وشقاء. يقول الشاعر: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأجو الجهالة في الشقاوة ينعم ولذلك فإنه قد يكون من الضروري أحيانًا أن نعيش باختيارنا مرحلة «كسل ذهني» حتى نعطي عقولنا فترة راحة، نشعر فيها بالتوقف عن متابعة أمور ربما لا تكون مهمة، ولكن متابعتها قد تكون مرهقة بالنسبة لنا. وأنت في عالمك الصغير في المنزل، أو في المدرسة، أو الجامعة، ربما تمر بك مواقف عديدة، تتطلب تحفزًا ذهنيًّا عاليًا لمتابعتها، والتعامل معها، ولكن ذلك لا يفيدك إطلاقًا. بل إنها ربما كانت مصدرًا لإزعاجك، أو إثارة القلق لديك. لذلك، فقد يكون من الأفضل أن تتجاهلي تلك المواقف، وألا تجعلي ذهنك يلتفت إليها طويلاً، لأنه سوف ينشغل بتفاصيلها عن أمور قد تكون أكثر أهمية بالنسبة لك، أو على الأقل أكثر فائدة لك لو وجهت تفكيرك نحوها. وتصفية الذهن مهارة تتطلب من الذهن «كسلاً» في تذكر المواقف السلبية، وتحفيزه لتذكر المواقف الإيجابية. وهنا لابد أن تدركي أن انشغال ذهنك بالتوافه، سيكون على حساب تركيزه على القضايا المهمة أو الإيجابية. ولذلك فإنك سوف تزاحمين ذهنك، وتستهلكين جزءًا من «الذاكرة» التي تستطيعين تشغيلها من ذهنك للتفكير في تلك المواقف الهامشية. وحتى يمكنك الاستمتاع بقدر كافٍ من الراحة، وتستطيعين التركيز على ما يهمك، فإنك بحاجة إلى صفاء الذهن وراحة البال. تذكري، كم مرة في الأيام القليلة الماضية مر بك موقف سخيف، أو تصرف مزعج من أحد الأشخاص، واستمر الضيق معك لبعض الوقت، وأنت تقولين لنفسك إن الموقف ولا الشخص يستحقان كل هذا الضيق؟! لو منحت ذهنك الفرصة ليتعامل مع مثل هذا الموقف بكسل شديد، لوجدت راحة شديدة، بالتأكيد! لذا لا تبخلي على ذهنك بفترات كسل يرتاح فيها. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] twitter:@mshraim