في كثير من الأحيان تواجهنا مواقف نجد فيها أنفسنا مضطرين إلى التعامل مع أشخاص لا يتمتعون بالمستوى المتوقع من الأخلاق. ومثل هؤلاء يسهل على أحدهم إطلاق كلمة نابية أو تعليق جارح، فضلا عن إساءة الظن بالآخرين أو التهجم عليهم. مثل هذه الفظاظة في التعامل تكون في بعض الأحيان محيرة. فالسكوت والصمت قد يفسرونه هؤلاء الأشخاص بأنه ضعف واستسلام؛ مما يزيد فظاظتهم وسوء أدبهم. لذلك يلجأ بعض الناس إلى التعامل معهم بأسلوبهم نفسه، حتى يضعوا حدا لتجاوزاتهم، أو كما يعبرون عنه بقولهم: (أوقفهم عند حدهم). قد يكون هذا الأسلوب مناسبا في تلك اللحظة، حيث إنه يفاجئ الشخص سيء الخلق برد عاصف قوي لم يكن يتوقعه، وربما ينجح في وضع حد لتجاوزاته. لكن الأمر الذي قد لا يظهر لنا هو أننا قد نخسر أخلاقنا بهذا التصرف. نخسر أخلاقنا أولا بأن منحنا من يهاجمنا فرصة ليصبح هو المتحكم في أخلاقنا، فإن أحسن التعامل معنا تعاملنا معه بالحسنى، وإن أساء التعامل معنا تعامل معه بالسوء. وبذلك نصبح أسرى لطريقته في التعامل الأخلاقي. كما أننا بهذه الطريقة في الرد نعتاد على أسلوب في التعامل لا يمثل شخصياتنا ولا قناعاتنا. وبتكرار هذا الأسلوب في التعامل مع هذا النوع من الأشخاص نصبح أكثر استعدادا لاستخدامه مع غيرهم لو تعرضنا لما يستفزنا أو يستثير أعصابنا، حتى ولو لم يكونوا سيئي الخلق أو قليلي الأدب في تعاملهم معنا. لذلك فإن القاعدة الذهبية في مثل هذه الأحوال، هي أن تتعاملي مع الناس المزعجين بأخلاقك الراقية أنت، ولا تتيحين لهم فرصة للنزول بمستواك الأخلاقي إلى مستواهم المتدني. وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) حينها ستكونين مرتاحة، ولن تشعرين بالضيق عندما تلتزمين الصمت حيال مثل هؤلاء الأشخاص. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim