اختار أقدم معلمي اللغة العربية بمنطقة عسير الأستاذ إبراهيم عثمان خليل ثلاثة شعراء من العصر العباسي نماذج في المحاضرة التي ألقاها يوم أمس الأول بنادي أبها الأدبي تحت عنوان «أضواء على بعض المحارفين من الشعراء» بحضور نخبة من أدباء وشعراء وإعلاميي منطقة عسير، فيما أدارها الشاعر حسين الزيداني. استهل المحاضر حديثه معرفًا الشعراء المحارفين بأنهم الفقراء الذين أخذوا حرفة الأدب وفضلوها على حرفة العيش، مبديًا استغرابه من ظهور مثل هذه الطبقة من الشعراء في العصر العباسي تحديدًا. وتحدث عن الشعراء في العصر العباسي من المحارفين واختار ثلاثة شعراء من العصر العباسي، مشيرًا إلى النماذج التي اختارها من هؤلاء الشعراء وعلى مختلف أنسابهم ومذاهبهم يلتقون في الإبداع الفني والطرافة والظرف وخفة الروح، وأولهم أبو الشمقمق، واسمه مروان بن محمد، مبينًا أنه كان شاعرًا متبرما بسائر الناس، بذيء اللسان، اجتمع فيه البؤس شكلًا وموضوعًا، متمردا على أوضاع عصره تمردًا عارمًا، وكان الهجاؤون يخافون من شعره وأصبحوا يشترون سكوته، ومنهم الشاعر بشار بن برد الذي كان يدفع له المال اتقاء هجوه، عاش في القرن الثاني الهجري وتوفي في حدود سنة 180ه، وينتقل المحاضر إلى النموذج الثاني ممثلًا في الشاعر أبوفرعون الساسي، مبينًا أن اسمه شويس وكنيته «أبوفرعون»، و»أبوالفقر»، و»أم الفقر»، وكان على شاكلة أبي الشمقمق، ولكنه أعف لسانًا منه حيث كان شعره فصيحًا طريفًا مستملحًا، وقد خالف شعراء عصره فلم يكثر المدح؛ بل لم يمدح إلا نادرًا. أما النموذج الثالث الذي اختاره المحاضر فكان الشاعر القاضي الأرجاني، واسمه أحمد بن محمد بن الحسين وكنيته أبو بكر ونسبه إلي ارجان التي ولد فيها 460ه وكان يدرس في المدرسة النظامية باصبهان وولي قضاء تستر وبقي فيها حتي توفي سنة 544ه، مشيرًا إلى أن شهرته في الشعر واكبت شهرته في الفقه، وأنه غير معروف إلا لدارسي البلاغة، لأن شعره لا يذكر منه إلا البيت والبيتين وليس له قصيدة كاملة، كما كان فقيرا مغمورا لا يحس به أحد ولا تقف تضحياته حتى شبه نفسه بالشمعة التي تحترق لتضيء للناس ظلام الليل. عقب ذلك شهدت الأمسية عدة مداخلات.