القيس أو الخليف أو الليلة اليتيمة، هي ليلة مكاوية الأصل والمنشأ والولادة بكل تفاصيلها، حيث كان أهالي مكة ممن تخلفوا للخروج لأداء الحج يقومون بحراسة الأحياء ومتابعة شؤونها حتى عودة الأهالي من موسم حجهم، لأنه في ذلك الوقت كان يعتبر من خرج لأداء الحج في عداد المسافرين، حيث لن يرجع إلا بعد 5 أيام نتيجة ضعف إمكانيات التنقل. في البداية تحدث العم عيد إبراهيم الصبحي ومحمد عبدالله المولد وفهد عبيد البنيان أن حواري وأحياء مكة كانت تعتبر متباعدة، وكان الأهالي يخرجون لأداء فريضة الحج ويبقى في الحي مجموعة من كبار السن والنساء والأطفال الذين تخلفوا عن الحج، وكان يعتبر من تخلف عن الحج من الرجال بمثابة العسس في الأحياء وحراسة من بعد المغرب حتى صلاة الفجر، وهكذا حتى عودة من خرجوا للحج إلى منازلهم حيث كان الخروج للحج يعتبر بمثابة السفر، حيث لا يعود حتى الانتهاء من موسم الحج نظرًا لعدم وجود وسائل تنقل مختلفة، مشيرين إلى أنها الآن اختفت نتيجة التقدم في جميع المجالات إلا أنها بقيت هذه الليلة اليتيمة في قلوب كل من عاصرها من الأجيال الماضية. ويضيف عدنان مظهر وعبدالعزيز حجازي أن ليلة الخليف كانت من الليالي الجميلة التي يحن ويشتاق لها كل من عاصرها حيث كانت الليلة اليتيمة يشارك فيها كل من تخلف عن الذهاب لأداء موسم الحج من الرجال والنساء والأطفال وممن تبقوا من الشباب يقومون بحراسة الأحياء حيث يتم استيقاف أي شخص غريب عن الحي ومعرفة مقصده، حيث يقوم النساء بالتجمع لأداء القيس، وهو عبارة عن عملية تنكر، ويخترن منزلا معينا بطريقة سرية، حيث يذهبن إليه، وعلى أهل البيت الذي تم اختياره تجهيز العشاء وكرم الضيافة. الجدير بالذكر أن الليلة اليتيمة أو الخليف لها طرق احتفالية، تبدأ ليلة عرفة إذ يخرج رجال مكة لخدمة الحجيج في المشاعرالمقدسة، وتكاد تكون البلد نسائية تخلو من الرجال إلا من كبار السن أو من أقعده مانع عن الحج أو العمل فيه، وكوسيلة دفاعية احترازية تخرج النساء متنكرات بزي الرجال ويتم توزيع الأدوار قبل فترة من اليوم المحدد، فمنهن من تقوم بدور الحاكم، وأخرى بدور شيخ الحارة، وأخريات بدور الضباط والعساكر، ويخرجن على صوت الدفوف مرددات المواويل الحجازية: «ياقيس ياقيس الناس حجت وإنت هنا ليش». وما أن يرون رجلا متخلفا عن الخروج للعمل حتى يطاردنه بالعصي مرددات «قيسنا يا قيس.. الناس حجوا وإنت قاعد ليش.. الليلة نفرة قوم أذبح لك تيس.. قوم روح لبيتك قوم اخبز لك عيش». أو يرددن: «يا قيسنا يا قيسنا.. هيا معانا لبيتنا.. نسقيك من شربتنا.. ونطلعك في بيتنا.. والليلة نروح عند أبو علي.. والله نروح ونذبح لك الطلي.. أبو الصمادة والعقال.. من يوم شفته عقلي طار».