«يا قيسنا يا قيسنا، هيا معانا لبيتنا، نسقيك من شربيتنا، ونطلعك في بيتنا، والليلة نروح عند أبو علي، والله نروح وندبحلك الطلي، أبو الصمادة والعقال، من يوم شفته عقلي طار».. كلمات كان نساء مكة قديما في يوم «القيس» ينشدنها في يوم عرفة، حيث تكون مكة خالية من الرجال والشباب الذين يذهبون إلى الحج لخدمة ضيوف الرحمن، ويتركون النساء والمسنين والأطفال. ومع خلو مكة من الرجال يوم عرفة تقوم النساء بأدوارهم، حيث يتوزعن الأدوار الرجالية، فمنهن من تلبس «العمة» وتقوم بمهمة شيخ الحارة، ويخرج النساء بعد منتصف ليلة عرفة على إيقاع الدفوف للتغني بالمووايل الحجازية. يطلق أهل مكة «المكاكوة» على من لم يذهب إلى الحج ب «الخليف»، وعادة ما يطلقون هذه الكلمة على المتخلفين عن يوم عرفة. هؤلاء «الخليف» لم يحرموا أنفسهم أمس من نفحات الحرم في يوم عرفة، حيث شهدت أروقته وساحاته توافد الآلاف من أهالي مكة لقضاء يوم عرفة بجوار بيت الله، والاستمتاع بمشاهدة تغيير كسوة الكعبة الجديدة، والإفطار داخل الحرم بعد صيام ذلك اليوم، وقد تحولت هذه العادة إلى المناطق القريبة من مكة، مثل جدة والطائف. واكتست الكعبة المشرفة أمس ثوبها الجديد الذي تمت صناعته من الحرير الخالص في مصنع كسوة الكعبة، حيث يجري تغيير الكسوة سنويا أثناء تواجد الحجاج في عرفات. وتبلغ التكلفة الإجمالية لكسوة الكعبة المشرفة عشرين مليون ريال، وتصنع من الحرير الطبيعي الخاص الذي يتم صبغه باللون الأسود، ويبلغ ارتفاع الثوب أربعة عشر مترا، ويوجد في الثلث الأعلى منه الحزام الذي يبلغ عرضه خمسة وتسعين سنتمترا وبطول سبعة وأربعين مترا، ويتكون من ست عشرة قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. وتوجد تحت الحزام آيات قرآنية مكتوب كل منها داخل إطار منفصل، ويوجد في الفواصل بينها شكل قنديل مكتوب عليه «يا حي يا قيوم، يا رحمن يا رحيم، الحمد الله رب العالمين»، ويطرز الحزام تطريزا بارزا يغطى بسلك فضي مطلي بالذهب يحيط بالكعبة المشرفة بكاملها.