كما رأينا في عدد سابق من ملحق "الرسالة" تحول المنشد الشريف من مجال الإنشاد إلى الغناء؛ فحاله كحال الكثير من المنشدين الذين ينطلقون من نقطة الصفر ولا يجدون داعمًا لأعمالهم الإنشادية، كما أنهم لا يجدون من القدوات الإنشادية من يقف معهم ويساعدهم على البروز والإبداع في مجالهم. لكن هؤلاء الشباب لم يستسلموا لتلك الصعوبات، ويقفوا مكتوفي الأيدي بل شمروا عن سواعدهم وبدأوا بإطلاق أناشيد فردية في بعض الاستوديوهات ومن ثم بثها عبر مواقع الإنترنت كي يبرزوا أنفسهم وأعمالهم. وهي ما كانت سببًا في نجاح الكثير من المنشدين الصاعدين، "الرسالة" ناقشت الأمر مع المختصين في هذا المجال عبر الأسطر التالية: بداية أوضح الناقد صالح الحمدان أن هذه الفكرة من المفترض أن يطبقها جميع المنشدين لأنها ستكون انطلاقة حقيقية للمنشد، لأنه من الطبيعي ألا يجد المنشد شركة تتبناه وترعاه إن كان مبتدئًا وهذا ما قد يساهم في إعاقة نجاح المنشد وبروزه في الواقع. وبين الحمدان أن هناك مواهب كثيرة قد اختفت مع مرور الوقت وذلك لعدم وجود جهات ترعاها، مبينًا أن بعض المنشدين الذين صعدوا في الفترة الأخيرة كانت بدايتهم الفعلية عن طريق المسابقات الإنشادية أو عن طريق جهودهم الشخصية، فأكثر المنشدين لا يملكون القدرة المادية الكافية لرعاية ألبوماتهم الإنشادية أو كليباتهم؛ لذا يلجأ بعضهم إلى بعض الهواة لإنتاج أعمالهم، وبذا تتساعد الجهتان لتحقيق النجاح لكلا الطرفين. وأضاف الحمدان أننا نرى في وطننا العربي نسبة كبيرة ممن يمتلكون الأصوات الجميلة عبر الإذاعات المدرسية أو المهرجانات الخفيفة، لكن وللأسف لا نسمع عنهم إلا لفترة وجيزة وسرعان ما يختفون من الساحة وذلك لأنهم وبكل بساطة لم يجدوا أحدًا يتبنى موهبتهم سواءً من الناحية المادية أو المعنوية، وبذلك نكون قد فقدنا مواهب إبداعية كثيرة. العامل المادي من جانبه يرى الشاب عمر باجسير فكرة هذه الألبومات والكليبات الإنشادية التي يقوم بعض الهواة بعملها قد تكون أفضل من غيرها ومنافسًا حقيقيًا لها، وقال: الألبومات التي تصدرها الشركات الكبرى قد يكون بها ميزة خاصة وهي توفر الاستوديوهات وكذلك خبرة المنتجين، ولكن ما يعيبها أن جميع من يعمل هذه الأعمال من أصحاب الشركات يكون تركيزهم على العامل المادي وليس على دعم حديثي السن ممن لم يجدوا فرصًا في الشركات الكبرى، لذا لجأوا إلى تكوين مجموعات صغيرة هدفها تكوين اسم خاص بهم أكثر من اهتمامه بالجانب المالي، ولهذا يحرصون في أعمالهم على الجودة والإتقان لأنهم يهتمون بكل التفاصيل رغبة في إنشاء عمل يكون شاهدًا على موهبتهم وقدراتهم وليس سعيًا وراء المادة فقط. وبين باجسير أن هذه الكليبات “الفردية" رغم أن أصحابها ممن يمتلكون الموهبة الرائعة وربما يكون الكليب أفضل من غيره مما ينتج عن طريق الشركات الكبرى ويحمل رسالة هادفة وجذابة في نفس الوقت إلا أنها تنقصها رغم ذلك كله التسويق. أما مخرج الكليبات الإنشادية ناصر المحمد فقد بين أن سوق الألبومات به استغلال واضح وكبير، والمنشد قد يدفع مبالغ كبيرة ويخسر فيها، وأضاف أن الشركات الإنشادية تقوم بعمل أي البوم أو كليب سواء كانت مقتنعة بفكرته أم لا، فالمهم عندها هو أن تحصل على مبالغ مادية حتى لو كان المنتج لايناسبها، ولكن من أجل المادة يقوم بإنتاجها. وبين المحمد أن من مساوئ الشركات أيضًا هو أنها عندما تتعاقد مع بعض الهواة فإنها تعطيهم مبالغ زهيدة وتوهمهم أن هذا هو ما يستحقه العمل لكنها في حقيقة الأمر “تسرقهم" على حد تعبيره، ولا تعطيهم حقوقهم كاملة، ولهذا يرى المحمد أن أكثر الهواة المبدعين يفضل العمل وحيدًا كي لا يضيع حقه، ولا يتقيد بجهة معينة لأنه عندما يرتبط فسيجبر على أن يتحمل تلك الجهة حتى ولو كانت على خطأ.