دخل الصراع في سوريا بين النظام وشعبه، مرحلة جديدة يبدو معها أن النظام استباح استخدام كافة الأسلحة -المخصصة أصلا لخوض الحروب الخارجية والدفاع عن التراب الوطني- لقتل معارضيه وترويع مواطنيه، ما يشير إلى نظام فقد صوابه، واختلت الموازيين عنده، بما قد يهدد سلامة الإقليم كله. قبل شهور حاول نظام بشار الأسد نقل المعركة إلى لبنان بتصدير الصراعات الطائفية، ثم انتقل بعد ذلك إلى الأردن المجاور، وأخيرًا يحاول لفت الأنظار بافتعال مواجهات محدودة مع تركيا المجاورة، وفي كل هذه المحاولات كان رهان النظام هو إثارة المخاوف من اندلاع حرب في المنطقة، على خلفية الصراع الدائر في سوريا بين النظام وبين شعبه،وفي معظم الأحوال كانت المخاوف من اندلاع حرب اقليمية لا يمكن السيطرة على حدودها ومداها، تقمع ميلا لدى الاسرة الدولية في التدخل لحماية الشعب الأعزل في سوريا من بطش النظام. حالة الفزع الدولي، من صراع يخرج عن السيطرة، في حال اندلاع حرب إقليمية، بين سوريا وأي من دول الجوار، كانت وراء عجز المجتمع الدولي عن تبني آليات عمل نشطة وفعالة لمساعدة الشعب السوري على التخلص من نظام الأسد. إدعاء النظام السوري الجنون، أو التظاهر بأنه في ثورة غضبه قد يأتي على الأخضر واليابس، لا ينبغي أن يثير قلق الأسرة الدولية من مواجهته ، بمقدار ما يجب أن يحفزها على التخلص منه في أسرع وقت، فكلما طال عمر النظام في سوريا، كلما تكاثرت جرائمه وتعاظمت احتمالات سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء على يديه. وهكذا فالتحرك لإسقاط النظام الآن أقل كلفة بكثير من تأخير المواجهة معه للغد. بالأمس اجتاحت قوات الأسد وشبيحته أحياء حمص مجددًا، فيما اشتعل صراع عنيف في أحياء حلب وأجزاء من دمشق، ومالم تتحرك الأسرة الدولية لتوفير الدعم الكافي لهؤلاء الثوار الذين يتصدون بصدورهم العارية لنظام لا تردعه أخلاق ولا دين عن ارتكاب مجازر لا يمكن أن يحتملها ضمير إنساني سليم، فإن الإقليم كله قد يصبح عرضة للخطر. تأجيل المواجهة مع نظام الأسد، قد يغريه بالمزيد من العبث، وقد يدفعه في لحظات اليأس إلى إشعال المنطقة برمتها، وعلى العالم أن يتصدى له الآن صونًا لأرواح الأبرياء من شعبه، ولسلامة المنطقة بأسرها.