امتدادًا لما تطرقت إليه في مقالتي الفارطة عن نصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتحليلًا للحالة الإعلامية العربية التي صاحبت نشر مقاطع من فيلم تعمد الإساءة لرسولنا الكريم، في اعتقادي أن بعض وسائل الإعلام العربية وليست كلها فشلت فشلًا ذريعًا في ردّة فعلها على الجانبين الإخباري والبرامجي التحليلي لما حدث؛ فمن جانب، مهم جدًا تبصير وتوعية المتلقي بما يجري حوله في العالم الآخر، وفي نفس الوقت كان يجب التعامل بشيء من الذكاء والدهاء قبل أن نعطي حجمًا كبيرًا لمنتجي الفيلم وصانعيه، وقبل أن نحول وسائل الإعلام العربي إلى مجال لشهرة حفنة من الضالين والمرضى لم يجدوا بابًا للشهرة سوى الهجوم على عقائد غيرهم وازدراء ديانتهم بأساليب رخيصة ومكشوفة؛ بل إنها مثيرة للسخرية والاشمئزاز كما قالت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة الأمريكية! نعم، صنّاع الفيلم ومنتجوه أقل من أن يتم منحهم كل ذلك التحليل والعويل والصخب الإعلامي المبالغ فيه! ولا شك أن نصرة نبينا واجب ديني وأخلاقي، لكن يجب وضعه في سياقه الصحيح كي لا تكون ردة الفعل الإعلامية والشعبية سبيلًا لإشهار أناس مغمورين رمت بهم عقولهم في طريق شائك ومعوج! ولعل أول من استهجن فعلهم هذا عقلاء الغرب وكثير من ساسته ومثقفيه الكبار. إذن يتوجب ألا نكترث بتلك الفئة المنحرفة التي تسعى إلى بث الفتنة بين المسلمين والدول الغربية على مستوى الحكومات والشعوب! كما يتعيّن التفريق بين تصرّفات فردية حمقاء وبين أمم عظيمة تحترم الإسلام وتحتضنه على أراضيها. ليتنا كما ذكرت في مقالتي الأسبوع الماضي ننصر ديننا ونبينا بالعمل والإنتاج والثقافة والفكر كما كان أجدادنا الأوائل يفعلون؛ لأن المبالغة في ردود الأفعال والجلبة المصطنعة لا تحقق للأمة نصرا ولا مجدا. حمى الله تعالى ديننا وعقيدتنا من كيد الكائدين وعبث العابثين، وهيَّا إلى عملٍ مدني يرتقي بأمتنا ويُعيد لها مجدها العلمي والثقافي بوحي من عقيدة سمحة علّمتنا الفضائل، ونهتنا عن التطرّف والغلو بكل أشكاله! [email protected] [email protected]