في الوقت الذي هدأ فيه الشارع الليبي -شيئًا ما- بعد أن هاج وماج وقامت مجموعة مسلحة من الليبيين بمهاجمة القنصلية الأمريكية في بنغازي وأحرقوها وتسببوا في مقتل السفير الأمريكي في ليبيا، وثلاثة آخرين من موظفي القنصلية إضافة إلى القنصل الأمريكي في بنغازي، في رد فعل على الفيلم الأمريكي المسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. تشهد مصر وأنحاء مختلفة من العالم الإسلامي مظاهرات دامية ما زالت مُستمرة حتى كتابة هذا المقال. الفيلم الذي أغضب المسلمين وخرجت من جرائه مظاهرات في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي، يتعرض بشكل استفزازي غير مسبوق للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. وهو من إخراج وإنتاج «سام بازيل» وهو إسرائيلي أمريكي (54 عامًا)، بمساعدة من أقباط المهجر. ولقي الفيلم دعم القس الأمريكي «تيري جونس» الذي حرق نسخًا من القرآن الكريم في أبريل الماضي، والذي وصف الفيلم ب «أنه إنتاج أمريكي لا يهدف إلى مهاجمة المسلمين، ولكن إلى إظهار العقيدة المدمرة للإسلام». وهو تبرير يحمل داخله عداءً واضحًا للإسلام والمسلمين. وإذا كُنَّا نُدين الفيلم الذي يتعرّض للرسول صلي الله عليه وسلم، فإننا كما يجب ألا نلوم الحكومة الليبية على تصرف قلة منفلتة قامت بما قامت به من تصرفات لا تعكس رأي الحكومة الليبية ولا روح الإسلام أو المسلمين، يجب أيضًا ألا نلوم الحكومة الأمريكية على إنتاج وعرض الفيلم المسيء للرسول. فالحكومة الأمريكية غير مسؤولة عن إنتاج الفيلم، وهي بعيدة عن كل ما يتعلق به، ولا تستطيع، حتى لو أرادت، منع الفيلم، لأن حرية التعبير تكفلها أحكام الدستور الأمريكي. لذا في الوقت الذي أدان فيه الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بشدة ما وصفه ب «الهجوم الشائن» على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي، فإنه أعلن في نفس الوقت رفض «الإدارة الأمريكية الإساءة إلى المعتقدات الدينية للآخرين»، كما وصفت وزيرة الخارجية «هيلاري كلينتون» الفيلم بأنه «مثير للاشمئزاز». المطلوب من المسلمين كافة؛ أن يتصرفوا بحكمة وروية، ويعملوا بكل ما يملكون من ضغوط، لاتخاذ الطرق التي تمنع مستقبلًا تكرار مثل هذا العمل الخسيس. فاليوم لا يستطيع أحد نشر أو إنتاج أي عمل يشكك في الهولوكوست، لأن اليهود نجحوا في استصدار قانون يمنع ذلك في أمريكا وأوربا. لذا فعلى الدول العربية والإسلامية التجمع للوقوف وراء استصدار قانون دولي يمنع ويُجرِّم التعدي على الأديان ورموزها. وفي نفس الوقت علينا -كعرب ومسلمين- أن نحرص على أن تكون اعتراضاتنا على كل ما يمس بديننا أو قيمنا أو مبادئنا بشكل لا يخرج عن دائرة الاعتراض السلمي الذي تُحقن فيه الدماء. * نافذة صغيرة: (كأني بمنتجي الفيلم التافه المسيء يتراقصون فرحا وطربا لما حققه الفيلم من مشاهدة وما أساله من دماء الأبرياء.) سعد بن طفلة العجمي. [email protected] [email protected]