ممّا ذُكر عن نابليون بونابرت قوله: (إن العالم يعاني كثيرًا، ليس بسبب العنف الصادر من أناس سيئين، لكن بسبب الصمت الذي يمارسه الطيبون). وتلك ترجمة فعلية لشعيرة غفلنا عنها طويلاً، وهي (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). غفلنا عنها أفرادًا ومسؤولين، وحجّمناها في إطار رسمي محدود، محصور في هيئة رسمية، فحظرنا النهي إلاّ من هؤلاء، والأمر إلاّ منهم. لقد ضيّقنا واسعًا وشددنا على أنفسنا، فشدد الله علينا. اليوم سيعترض عليك كل مخطئ في حق المجتمع إذا واجهته بخطئه، بحجة أنك لا تنتمي إلى الجهاز الرسمي. هؤلاء المفسدون يريدون فعلاً قصر كلمة الحق الزاجرة على أفراد معدودين وجهاز لا يستطيع مهما فعل ملاحقة كل المفسدين. اليوم تزداد صعوبة إيقاف الجاني في حق المجتمع عند حدة، حتى لو كانت الجناية أقل ضررًا من عنف، أو تحريض، أو اعتداء، كأن تنهى عن تلويث الشارع بماء الصرف الصحي مثلاً، أو عن إلقاء الزبالة المتطايرة في الطرقات وقرب المساجد، بل بلغ الأمر أن يمارس كثيرًا منا فضيلة الصمت، وهو يرى مشاجرة عنيفة أو اعتداء بالغًا، ولا يتجاوز دور (أكبر شنب) مهمة الاتصال بالأمن الذي قد يأتي، ولكن بعد وقت طويل. وقضايا الفساد هي الأكثر سببًا في معاناة العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه. وحتى الدول الديمقراطية تتعرض لفساد سياسي خالص يؤدي إلى إصدار أحكام وقرارات تعاني منها البشرية طويلاً، فهذا جورج بوش الابن يستغل المنصب الأقوى في العالم ليمرر كذبة غير بريئة على العالم كله تمهيدًا لشن حرب على العراق، وليغرق بلاده في مستنقع آسن ومغرقًا معها مئات الألوف من الضحايا العراقيين. وللأسف لم يمارس الطيبون إلاّ صمتًا بالغًا أدّى إلى كل هذه المآسي والكوارث. وعلى الأصعدة المحلية ينتشر الفساد في صور مختلفة مثل سوء استغلال المناصب ومحاباة الأقرباء والأصدقاء وأبناء العرق والفخذ، ودفع الرشوة وإصدار الأحكام الجائرة وغيرها. ولو وقف الطيبون عند كل ركن وزاوية متصدين لهذه الصور الشائهة الظالمة للفرد والمجتمع والوطن لكان العالم في خير كثير وفضل عميم. نعم أنتم السبب أيُّها الطيبون الصادقون!! [email protected]