يتناغم الإنسان مع البيئة حوله وينسجم معها فتارة تطوعه وأخرى يطوعها ليتشكل عبر الأزمان تاريخ كبير لا تنساه الأجيال و تشتهر منطقة جازان بمخزون تراثي وشعبي يظهر في الكثير من العادات والتقاليد في مختلفة جوانب الحياة اليومية التي يعيشها الإنسان. ومع التطور الذي شهدته المنطقة لم يستغن ابن جازان عن هذا الموروث والزخم الثقافي الكبير ولعل المناسبات الاجتماعية والدينية هي من تجعل هذه المظاهر ظاهرة اجتماعية حيث يحتل المطبخ الجازاني جزءا لا بأس به من الأواني الفخارية التي تصنع من مواد طبيعية تنسجم مع البيئة وتعدد وتختلف باختلاف الطبيعة الجغرافية. ويعرف الجازانيون الأواني الفخارية منذ قديم الزمان إذ ترافقهم في كل ركن من أركان بيوتهم ومنها ما يستخدم لتحضير المأكولات الشعبية لما تتميز بنكهة مميزة وطعم فريد لا يمكن أن تجده في غير هذه الأواني الفخارية وأخرى لحفظ الأطعمة وتبريدها، إذ يحتل «الميفا» المقدمة في أي زاوية من زوايا البيت الجازاني ولا تستغني عن ربات البيوت ويستخدم لتحضير أنواع متعددة من الخبز التنوري اللذيذ بطعمه والزكي برائحته سواء أقراص الخمير والدقيق وأنواع متعددة من الحنيذ والأسماك التي تشوى فيه. ولا يختلف «المغش» هذا الإناء المتعدد المهام فمنه نوع فخاري يصنع من الطين وله خصائص فريدة تجعل ولا يبعد النوع الآخر الذي ينحت من الجحر والذي يتميز بارتفاع درجة الحرارة المتدرجة فيه وتضعه في استواء تام. وتقف «الجرة الفخارية» التي كانت تستخدم لتبريد المياه فهي تتمتع بخصائص طبيعية ترعى عند الصنع إذ تكون بيضاوية الشكل لتخزن أكبر قدر من المياه وتحفظها باردة لتروي العطش لكنها لم تعد تستخدم على نطاق واسع إذا أصبحت ثلاجات التبريد تحل مكانها لكنها لازالت عزيزة على أبناء جازان. ومن حيث يفوح عبير العود تجد تتصاعد الأدخنة من «المبخرة» التي تكون لها فتحات كبيرة للتهوية ولكي تعبق منها أجمل الروائح تزين بألوان خاصة تمنحها مزيدا من الجمال. ويقول محمد عبدالله أحد الباعة وصناع الأواني الفخارية إن هناك من يشتري هذه الأواني الفخارية كعادة لتحضير بعض المأكولات وهناك من يشتريها ليهديها الى أصدقائه وزملائه وخصوصا من يرتاد المنطقة من السياح فهم يحرصون على اقتنائها كذرات جميلة،وتعد هذه الأدوات فخارية والتي تعود إلى مواد طبيعية لا تعرف التأكسد عاش معها إنسان جازان وعاشت معه وتوارثها الأجيال لتبقى شاهدة على حضارة إنسان جازان.