دون قصد ترك صالح العدواني أبناءه نائمين في فراشهم بعد أن ألقى عليهم نظرة لم يكن يظنها الأخيرة وخرج مع والدتهم لشراء غسالة ملابس غير التي خربت في الساعة السادسة من يوم السبت واطمأن أن احد أبنائه يلعب الكرة مع أبناء الجيران وان زوجته الثانية سوف تعود مع ابنه الآخر بعد مشوار قصير عند الأقرباء ولكن رنين جواله المتواصل غير ما في حسبانه إذ فجع بخبر الحريق من جاره وعاد الى منزله وهو يعد الثواني والخطوات لعله يجد أولاده بخير إلا أن سيارات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف كانت تشير الي أن الحريق كبير والإصابات أكيدة ، ما افقد صالح صوابه وهرع جاريا الى داخل المنزل أمام منع رجال الإطفاء ولكن القدر كان أسرع من توقعاته وهو يشاهد أبناءه يحملون بسيارات الإسعاف الي ثلاجات الموتى وزوجته مغشيا عليها على تراب الشارع والأمل يحذوه في نجاة ابنته سمر المنومة في العناية المركزة ووالدته المسنة ذات السبعين عاما. تفاصيل الحادثة يرويها ل»المدينة» ابنه دياب ذو العشر سنوات في زيارة للأسرة في احد فنادق المدينة بعد احتراق منزلهم في الحرة الغربية وقال دياب: كنت العب مع أبناء الجيران بعيدا عن المنزل فأسرع نحوي احد الأولاد ليخبرني أن دخانا كثيفا يتصاعد من منزلنا فجريت الي المنزل وكانت النيران تشتعل في المكيف من الخارج فدخلت المنزل وكان أخواني نائمون وسط الدخان فأخرجت منهم رفيق وحمادة ومحمد ولكن أخي الصغير محمد عاد الي داخل المنزل دون أن شعر به ولم اعد أراه من كثرة الدخان واحترق مع اخوتى الباقين .. وبعض الجيران منعوني من الدخول ثانية خوفا على حياتي واستدعوا سيارات الإطفاء وأنا أقف حزينا في زحمة الشارع ومن حولي لا يستطيعون فعل شيء بعد أن داهم الظلام المكان والشارع. الزوجة الاولى أما «أم حياة» الزوجة الأولى ولديها احد عشر ابنا وابنة بعضهم متزوجون فقالت: خرجت في زيارة لأحد الأقرباء قبل العصر ومعي احد أبنائي وكان أربع من أولادي الصغار يجرون خلفي يريدون الذهاب معي ومنعتهم وأمرتهم بالنوم وكنت استغرب تقبيلهم لي واحتضانهم على غير المعتاد فسلمت عليهم ووعدتهم بشراء الإسكريم وأدخلهم أبوهم الي البيت وهم يبكون فأسكتهم ببعض الريالات. وعدت بعد العشاء وقد رحل أبنائي الأربعة وأبناء ضرتي الثلاث وتقول ببكاء متواصل أن منظر ابنتي «حياة» لا يفارق خيالي فقد انتفخت بطنها حتى انفجر من شدة الدخان الذي استنشقته واني احتسبهم جميعا عند الله وهذا قدر لا نستطيع أن نرده و»إنا لله وإنا إليه راجعون «. الزوجة الثانية أما «أم دياب» الزوجة الثانية لديها من الأبناء تسعة أكبرهم متزوج انتظرناها حتى عادت من زيارة ابنتها سمر التي تتلقى العلاج في مستشفى الولادة والأطفال وهي لا زالت في حالة حرجة فلم نستطع التحدث معها إلا بصعوبة فكلما تفوق يعيدها البكاء للإغماء وقالت متأثرة: بيتي تهدم وأولادي رحلوا واحترق كل شيء يذكرني بهم اسأل الله أن يبرد قلبى ويرزقني الصبر على فراقهم . بيت شعبي متهالك أم خالة أبنائها (غنى) حدثتنا بحزن كبير فقالت: تعيش أختي مع ضرتها في بيت شعبي متهالك ويتقاسمان اللقمة. وذا داهمتهم الحاجة في البيت عادة ما تلجئان للعمل في بعض المناسبات أو مساعدة بعض الأسر للكسب القليل الذي يقوت أبنائهم لأن زوج أختي من ذوي الدخل المحدود ويعمل حارس في المسجد النبوي ولا يملك إلا راتبه البسيط . مشاكل كهرباء وقالت:إن سبب الحريق ربما يكون من التماس المكيف وسوء التسليك في المنزل الشعبي حيث المعانة الدائمة مع مشاكل الكهرباء والسباكة ولقلة ذات اليد لم يستطع صالح زوج أختي استئجار منزل فهو ليس له دخل آخر إلا راتبه القليل ولقد عاش عمره يحلم ببيت يستره مع أولاده الذين غادروا وحلم المنزل الجديد غادر معهم.