قبل أيام قليلة تعرضت أسرة كاملة عدا عائلها لحريق أودى بحياة أفرادها الخمسة.. الأم وأبنائها الأربعة. والسبب هو أن رب العائلة خرج بعد العصر لشراء وجبة غداء للأسرة وأغلق الباب بالضبة والمفتاح من الخارج. وعندما اشتعلت النار لم تستطع العائلة الهرب، فمات الجميع مختنقين لأنهم سُجنوا داخل المنزل الذي أكاد أراهن أن كل شبابيكه محاطة بشبوك من الحديد لزوم الأمن حتى لا يدخلها أحد من اللصوص. وهكذا قتل رب الأسرة كل أفراد أسرته من حيث لا يقصد ولا يتوقع أبداً، فرحم الله الشهداء احتراقاً، وأحسن عزاء الأب المكلوم المصدوم النادم على فعلة ارتكبها على ما يبدو مراراً وتكراراً. هل تراها المبالغة في الحيطة والحذر، أم أنها وساوس الشك والريبة التي تدعو صاحبها إلى فعل خاطئ عالي المخاطر غير سليم العواقب!! ومن المألوف جداً في كثير من الفلل الفاخرة وغير الفاخرة تشبيك النوافذ السفلية والعلوية لمزيد من الاحتياطات الأمنية. ولئن كان من المفهوم تشبيك النوافذ السفلية، فإن تشبيك العلوية غير مفهوم، إذ احتمال تسلق لص لبلوغها نادر وبعيد الحدوث، والأهم من ذلك إن خطرها على سلامة أهلها أكبر بكثير من خطر اللصوص عليها. والسؤال: هل للدفاع المدني دور في الحد من هذا الإسراف في تشبيك النوافذ العلوية؟ ذلك لتبقى أحد المنافذ التي يمكن الهرب منها عند حدوث حريق لا سمح الله، ومع الارتفاع البسيط للدور العلوي يظل القفز بكل مخاطره مهما اشتدت أهون من الموت احتراقاً أو اختناقاً. وأما ثقافة الاستعانة بطفايات الحريق الجاهزة للعمل، فتلك أمنية بعيدة المنال، وكذلك حالنا مع فحص التوصيلات الكهربائية الخارجية والداخلية، وكذلك فحص الأجهزة الكهربائية وتوصيلاتها التي قد تتعرض مع كثرة الاستخدام للتآكل والذوبان، ومن ثم تعريض حياة مستخدميها لخطير النيران. بقيت ممارسة أخرى شائعة، وهي غلق الباب على (الشغالة)، وربما على الشغالة ومعها طفل رضيع أو صغير، بحجة الخوف من هربها أو انحرافها بإدخال غريب عليها. وأما الطريف في الأمر، فقلة المعتبرين أو المهتمين حتى ممن علموا وسمعوا، فالله المستعان وعليه التكلان. [email protected]