قال محدثي وقد اتكأ على أريكته وأخذ بزمام الحديث: هذا شهر رمضان المبارك وقد انقضى ثلثه الثاني وأشرفنا على ثلثه الأخير ثلث العتق من النيران، قلت: وماذا في جعبتك من محصلة عن ما مضى من مشاهد اجتماعية، قال: انظر إلى محصلة القنوات الفضائية، وما بثته من حشد هائل من برامج ومسلسلات ومنوّعات الغث فيها أكثر من السمين، وما دار حول بعض تلك المواد الإعلامية من ملاحظات تخدش حرمة رمضان، قلت: دعنا من الحديث في هذا الجانب فقد تحدث فيه الكثيرون قبلنا مطالبين بمراعاة روحانية الشهر العظيم وعدم ابتذاله في برامج ومسلسلات تبعد بالمشاهدين عن المقاصد العظيمة والآداب الجليلة لشهر القرآن الكريم، وأردفت قائلاً: فماذا لديك يا صاح من مشهد آخر تودّ الحديث عنه، قال: أكرمني الله عز وجل بتأدية العمرة قبل أيام، وشهدت بأمّ عيني المشروعات العملاقة لتوسعة الحرم المكي الشريف توفيراً لأقصى درجات الراحة للمعتمرين، ولكن أعداد المعتمرين كانت بالملايين مما قد لا يستوعبه أي توسعة مهما كانت ومهما بلغت، فليت تكون هناك جهود مجتمعة من كل الدول الإسلامية لتحديد كوتة أي نصاب معيّن من المعتمرين لكل بلد إسلامي كما هو معمول به في الحج، فليس الهدف أداء النسك كما اتفق، بل لابد من الراحة والطمأنينة للحاج والمعتمر، قلت: وذلك لن يتأتى في ظل هذه الأعداد الغفيرة من المعتمرين المطّردة عاماً بعد عام مهما حاولت الدولة -جزاها الله خيراً- في اللحاق بمشروعات التوسعة لبيت الله الحرام، خاصة مع الاختناقات المرورية وكثافة الحشود البشرية، وما يشهده موسم رمضان والعمرة من حرّ شديد لوقوعه في فصل الصيف القائظ. أطرق صاحبي مفكراً وهو يبحث عن مشهد رمضاني آخر يتحدث عنه، فقال موجّهاً دفة الحديث نحو ما يشهده العالم العربي والإسلامي اليوم من أحداث مؤسفة: نحن نفطر على تمر وماء زمزم وما لذ وطاب من المطعم والمشرب، وإخوان لنا في العقيدة يفطرون على أشكال من العذاب وصنوف الهوان، قلت مجيباً: وهذا ما حدا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- للدعوة لقمة التضامن الإسلامي الاستثنائية يومي 26 و27 من هذا الشهر الفضيل في مهبط الوحي أم القرى مكةالمكرمة، لمناقشة وإيجاد حلول لتلك القضايا العاجلة والشائكة في سوريا وبورما وغيرهما من ساحات ساخنة، قال محدثي: ولعل وعسى ببركة هذا الشهر سيد الشهور وحرمة الزمان والمكان أن تتوحّد قلوب زعماء العالم الإسلامي على الخير، وتغليب مصلحة شعوبهم ونشر الحق والعدل والخير للجميع. قلت وأنا أهمّ بالقيام من مجلسي: نأمل ذلك، ولنا عودة لهذا الموضوع بإذن الله قريباً. [email protected]