هو عبدالرحمن بن عوف القرشي الزهري يكنى أبا محمد أمه الشفاء بنت عوف من بني زهرة. ولد بعد الفيل بعشر سنين وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، جمع الهجرتين جميعاً: فهاجر إلى أرض الحبشة ثم قدم مكة قبل الهجرة وهاجر إلى المدينة ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع ، وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أتي عبدالرحمن مرةً بقصعة فيها خبز ولحم فلما وضعت بكى فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير و أخشى أن أكون ممن عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ! كان من أكثر الصحابة مالاً . فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : دخل عليها عبدالرحمن بن عوف فقال : يا أمه قد خفت أن يهلكني كثرة مالي فأنا أكثر قريش مالاً ، قالت : يا بني أنفق ، وفي رواية : يا بني تصدق. وكان يحج بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن في كل عام إلى أن توفي. وكان الفاروق رضي الله عنه يستشيره في كثير من الأمور والنوازل و منها : رجوعه عن الشام لأجل الوباء ، وفرضه الجزية على المجوس. ولعل أجلّ اعماله و أخطرها شأناً مشاورته الأمة بعد استشهاد الفاروق رضي الله عنه لاختيار من يخلف عمر حيث وفقه الله لأداء تلك المهمة العظيمة بكل اقتدار و حكمة وتجرد و تقديم مصلحة الأمة على حظوظ النفس ، وعن ذلك يقول عبدالله بن عمر : إن عبدالرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى : هَلْ لَكُمْ أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلُ منها؟ فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا اول من رضيت .