هم أولئك الأشخاص الذين يتلونون بحسب أهوائهم ومصالحهم التي يخيّل إليك أنّها لا يمكن أن تنتهي بسبب عدم ثباتهم على مبدأ واحد ولأنّ الألوان أصبحت كثيرة خصوصًا مشتقاتها نجدنا نحار كثيرًا حين نرى من حولنا يبدعون في تلوّنهم فنجد أنفسنا أحيانًا نحاول أن نكون شفافين معهم ... ولكنّهم لا يفهمون معنى الشفافية سوى أنّه نوع من الغباء والسذاجة والبلاهة ... وإذا غيّرنا تعاملنا معهم وتلوّنا بنفس لونهم نصبح لا نختلف عنهم ... ونكون بذلك قد نزلنا لمستوى النفاق الذي قد يمتد بنا لمتاهات لا نعرف أين توصلنا ... ؟!! وإذا واجهناهم نجد أننا فتحنا ثغرة لحرب باردة لا تنتهي .. قوامها الحقد والضغينة ...!! فهم مع الأسف أشخاص لا تعرف لهم لونًا محددًا.. يجيدون لعبة النيل من مشاعر الآخرين .. ويتلذذون بغرس سكين الغدر في ظهور من حولهم .. فتضحياتهم تتمثل بأقرب الناس لهم بغض النظر عن التضحيات التي قدموها لهم من جهد أو مال أو وقت ..!! ولا غرابة في ذلك فمبادئهم تقوم على الغدر والخيانة والمصلحة الشخصية والأنا التي تأتي في المرتبة الأولى حتى لو كان الثمن باهظًا ..فطالما يخدمهم فلا بأس ... وقد لا يرتاح لهم بال حتى ينهشوا لحوم الناجحين ممن حولهم فهم في بحث مستمر عن أعداء لهم ... وأعتقد أنّهم إن لم يجدوا عدوًا صنعوه بأنفسهم .. وأظنّ أنّ أشدّ أعدائهم هو الصدق ... وأعزّ أصدقائهم الزيف والمكر... فأقنعتهم متجددة بحسب ما يرمون إليه من أهداف تخدمهم معتبرين ذلك ذكاء ... مع أننا نعلم أن الفرق كبير بين الذكاء وبين الخداع الذي يقوم مبدؤهم عليه ... فهم بزيفهم يصنعون ثغرات في المجتمع لا حصر لها .. و يضعفون مجتمعاتهم التي يعيشون فيها ... سواء أكان مجتمعًا ذا بيئة عائلية أو عملية أو سياسية ... فنرى أكثر السمات البارزة في هذه الأوساط البيئية التي يعيش فيها المتلوّنون أو المقنعوّن هي الهشاشة والشتات والفرقة عند أي مشكلة بسيطة ...!! وفي كل بيئة أو مؤسسة نرى هذه الشرذمة بأخلاقها السيئة المُلتَحِفة بالفضائل وتعاملاتها الرخيصة المتلبّسة ببريق الحق تحاول مع الأسف أن يكون لها مكان ومأوى لتنمو فيه وتتشعب لتؤسس لها منظمّة خاصّة ذات أرض خصبة تعجّ بالمتلونين وأصحاب الأقنعة تعيث فيها كيفما شاءت ...!! فيزرعون الفساد ويحاولون أن يقنعوا من حولهم أنّ هذا هو غاية الصلاح والنجاح وربما التميّز ..!! ويسيرون بدفة مجتمعاتهم أو مؤسساتهم نحو الهاوية ... فلا يهم طالما أنهم الناجون أو المستفيدون الوحيدون ..ضاربين بكلّ ما يخالف مصالحهم عرض الحائط ... فسحقًا لهكذا أشخاص لا يقدّرون قيمة الصدق والتضحيات ووحدة المجتمع الذي هو أساس القوة ... سحقًا لكلّ متلوّن و مقنّع يقتل ضميره و يبيع دينه ووطنه وقيمه ومبادئه من أجل متاع دنيا أو من أجل أهوائه وأطماعه ومصالحه الشخصية ... وبرأيي لن تسقط الأقنعة لنعيش في جو من الشفافية والرقي إلا إذا حاربناها بالصدق والصراحة والقوّة البعيد عن المجاملة الزائفة وحاصرناها بالتآزر والتماسك والمحبة والتعامل بذكاء واتزان .. فالأقنعة باتت تحاصرنا في كلّ مكان .. فمتى يعلم المقنعّون أنّهم بزيفهم سوس ينخر في المجتمع ويعمل على تفككه ووهنه ؟! حنان سعيد الغامدي- جدة