"حذر رئيس غرفة جدة الشيخ صالح كامل المستثمرين والمواطنين من الوقوع في الارتفاعات المبالغ فيها التي تشهدها سوق الأسهم السعودية وكان ذلك من خلال حديثه إلى صحيفة «المدينة» يوم 26/03/2012، وقال: إن ما يجري حاليًا في سوق الأسهم سيؤدي إلى كارثة جديدة أشبه بما حدث في عام 2006م، مشيرًا إلى أن ما يحدث حاليًا هو مجرد مضاربات ليس لها أسس اقتصادية مقنعة وأشبه ما تكون بالقمار، وأضاف: إن هذه لعبة هوامير يتحركون بين سوق العقار والأسهم ويبقى المستثمر الصغير والمواطن البسيط هو الخاسر الأكبر من هذه الفقاعات" انتهى، وجدت من المناسب وأنا أقرأ هذه الكلمات أن أعيد نشر مقالي الذي كتبته في 2008م بصحيفة البلاد كما هو دون زيادة أو نقصان. "خلق وإيجاد قنوات استثمارية هو المحرك لعجلة الاقتصاد الوطني والدافع وراء تطور أي دولة، لأن آفة النمو التضخم، ووجود فرص استثمارية متعددة الأنشطة وفي مختلف المجالات من شأنها استيعاب الوفرة في السيولة النقدية (السبب الرئيسي للتضخم)، فاقتصاد المملكة يفتقر إلى تعدد القنوات الاستثمارية، حيث يقتصر بشكل رئيس على سوقين أساسيين هما سوق الأسهم وسوق العقار، وخصوصاً بعد التضييق على الشركات بسبب بعض الأنظمة القاصرة والتي أدت إلى إقفال بعض الشركات لأبوابها، وتقليص حجم النشاط للبعض الآخر، وهروب رؤوس الأموال للخارج، وكنا قد كتبنا كثيراً في هذا الموضوع عند مناقشة قضية السعودة وأسلوب المعالجة، وحيث إن المملكة تعيش اليوم مرحلة طفرة جديدة تجاوز فيها سعر برميل النفط المائة دولار أمريكي وينعكس ذلك إيجاباً على مقدار الإنفاق العام، مما يزيد حتماً معدل التضخم إذا لم تتم وضع آلية متطورة وخطة مدروسة وآلية محددة تهدف إلى فتح أسواق جديدة لامتصاص تلك السيولة، أما اليوم وبعد انهيار الأسهم في عام 2006 والضرر الكبير الذي لحق بالمضاربين في سوق الأسهم وخصوصاً صغار المساهمين، والذي أثر سلباً وبشكل كبير على إجمالي المدخرات لدى فئة معينة (صغار المساهمين) وانتقالها إلى حيازة فئة أخرى (كبار المستثمرين)، مما جعل سوق العقار هو القناة الاستثمارية الوحيدة بعد فقدان الثقة بسوق الأسهم، وقضية انهيار الأسهم كانت متوقعة حيث أن مستوى الأسعار في حينها لم يكن مناسباَ لأداء الشركات أو على الأقل موازياً لقيمة الأصول الموجودة بتلك الشركات، بمعنى آخر أن ليس للسهم ما يُغطيه من إجمالي الأصول التي تمتلكها الشركة، بل كانت الأسعار تتحدد نتيجة للمضاربات في سوق الأسهم والتي هي أشبه بالقمار المحرم شرعاً، فكان المستثمرون الكبار يضاربون بتنسيق وانتظام وبالتناوب على أسهم الشركات المختلفة حتى إذا ما وصل إلى السعر المناسب الذي يرضي جشعهم وطمعهم باعوا ما يملكون من أسهم لتلك الشركات وهكذا دواليك، تخيل ما الذي يحدث لسعر السهم وللمساهمين الضعفاء الذين اشتروا بسعر مرتفع ثم انخفض السعر إلى أقل من النصف، ماذا حصل لمدخراتهم، كيف يكون باستطاعتهم سداد القروض على الأقل، ماذا حصل في الشريحة الوسطى للمجتمع بعد هذا الانهيار، عموماً بعد تلك التجربة القاسية والتي للأسف لم يتعلم منها صغار المساهمين بل انتقلوا مع كبار المستثمرين إلى سوق العقار ولم يأخذوا الدروس والعبر من الأذى الذي لحق بهم من هؤلاء المستثمرين، واليوم ورغم الانخفاض الطفيف في عدد السكان جراء مغادرة الأجانب لأوطانهم وازدياد عدد البنايات الشاغرة وفي ظل الانكماش الاقتصادي، نلاحظ التضخم الواضح في أسعار العقارات في دولة أكثر من ثلثي مساحتها أرض فضاء مما ينذر بكارثة أشبه بقنبلة موقوتة تسحق الأخضر واليابس والمأساة تتكرر ..". فاكس: 6602228 02 [email protected]