أبدًا ليست هي الديمقراطية التي قذفت بهذه الأسماء للترشح لرئاسة مصر.. أبدًا ليست هي الحرية التي دفعت الرئيس المحتمل صاصا والرئيسة المحتملة هياتم لتقديم أوراق الترشيح! إنه الامتهان المتعمد لكل شئ جديد في مصر.. إنه السعي الدؤوب للتشويه والتشويش لصورة الثورة التي جعلت البعض يردد «عشنا وشوفنا رقاصة وسمكري يترشحان للرئاسة»! والسؤال الآن: ما الذي يجعل سمكريًا أو ميكانيكيًا أو سائق توك توك يتقدم «للرئاسة» -مع التقدير الكامل لكل مهنة شريفة وكل سعي للقمة عيش كريمة-؟ أليس هو في جانب كبير منه العبث المستمر بكل القيم والمبادئ التي ضحّى من أجلها الشهداء وفقد لإرسائها الثوارعيونهم؟ في نفس الوقت وبعيدًا عن العبث بكل أشكاله وألوانه بما في ذلك دفع أو الدفع لبعض البسطاء للترشح لماذا لا يتقدم صاصا للترشيح وهو رجل شريف بالفعل تخلو لائحته من سابقة واحدة وهو يرى أرباب السوابق وبلطجية السياسة يتقدمون؟ لقد أراد «صاصا» أن يؤكد للناس أنه لم يسرق ولم يهرب أموال ولم يعادي الثورة ولم يرضَ عن قتل المتظاهرين قياسًا بغيره من المتقدمين كما أن الأسطى المرشح «أبوالسعود شنور» الذي حضر لمقر سحب الاستمارات بموتوسيكل عطلان لم يصدم مشاعر المواطنين بالموافقة على قرار ظالم أو «حكم جائر» صدر عن المسؤولين.. وكذلك الحال مع. المرشح محمد السيد الذي لم يؤيد هذا المجلس ويصفق له ثم ينقلب عليه لمجرد أنه لم يتخذه مرشحًا حضر «بشبشبه» المقطوع وكله إصرار.. بل إن «محمد المصري» فني أول كهرباء يدرك تمامًا أنه أولى بحكم الشعب لأنه جاء من الميدان الذي أسقط الرئيس أليس هو الأولى من صديق الرئيس الذي سقط ومن مساعد الرئيس ومن جليس الرئيس ومن أنيس الرئيس؟. هذا عن عينة من المرشحين الذين هالهم تقدم كل من هب ودب وداس بقدمه على الثورة والثوار لمزاحمة ستة من المرشحين الحقيقيين الذين كان يمكن اختزالهم إلي أربعة ثم إلي اثنين يأتي منهما الرئيس فماذا عن الشعب؟ يخطأ من يظن أن كل هذه الألاعيب والمسرحيات الساقطة يمكن أن تنطلي على الشعب الذي أهدى للعالم كله أجمل ثورة بيضاء ناصعة.. لقد خرج هذا الشعب الذي اتهموه تارة بالخنوع وأخرى بالسلبية القاتلة بعد أن أنتج ثورته للتصويت على الإعلان الدستوري فإذا بالإعلان ينتهك ثم خرج تارة أخرى للتصويت على أعضاء البرلمان فإذا به يتعرض للامتهان حيث لابد من الاستئذان! ولأن ذلك كذلك فقد قرر الشعب الانصراف التام عن هذه المهاترات بما فيها انتخابات مجلس الشورى ويقينًا سيفعلها في انتخابات الرئاسة إن هي مضت على النحو المضحك الذي تمضي عليه الإجراءات. والحاصل بل الواقع أن كل هذه التوابع الخاصة بما بعد الثورة هي ظواهر مؤقتة.. الحكومات كلها مؤقتة والإعلانات والدساتير المسلوقة كلها مؤقتة، والبرلمانات التي جاءت بإرادة شعبية كلها مؤقتة، بل إن الرئيس القادم هو رئيس مؤقت لمرحلة مؤقتة مع الاحترام لكل المرشحين الحقيقيين. وللذين تنتابهم -مثلي أحيانًا- زفرة يأس أو لوعة حلم مجهض أو دمعة حزن مكنونة نقول: إن الشعب الذي كان يغني في طرق السعي للعدل وللحرية ويفجر في ضربات القلب بروقًا خضرًا تسطع في الكرة الأرضية قادر -بإذن الله- للوصول لمبتغاه في مصر عربية قوية حرة مؤمنة عزيزة بجيشها وأمنها وسلامها الاجتماعي وحكومتها الفاعلة وبرلمانها الحر ورئيسها الأبي ولو كره الكارهون.