" البروبجندا " قد تكون هي السمة الواضحة والقوية الظهور والمتجذرة في عروق ودماء الكثيرين ، ولمن يعرف معنى هذه الكلمة فهو لا يحتاج إلي تعريف ، أما من يجهلها فإنها تعني وبكل وضوح " الفرقعة الإعلامية " , " التطبيل والتزمير " ومن المؤسف أن كثيرين تورطوا في هذا المستنقع وقد يظنون أنهم يحسنون صنعا ، ولكن المصيبة الكبرى إذا كانوا يعرفون أنهم يمارسون خطأ كبيرا في حق الوطن والمواطن عامة والمال العام خاصة ، فاعتماد هذا المنهج في تسيير أمور بعض المؤسسات هو تقويض لها وإهدار لما رصد لها من ميزانيات كبيرة كان الغرض منها توفير أفضل خدمات وتسهيلها للمستفيدين منها أيا كانوا ، ولكن لأن بعض المسؤولين لا يفهمون طريقا للقيام بمسئولياتهم سوى هذه الطريقة ولا يقتنعون أصلا بسواها فإنهم يحتاجون إلى شن حملة واسعة النطاق تقوم بها " هيئة مكافحة الفساد " دون هوادة إذا كانت تريد بالفعل تحقيق أهدافها وحماية المال العام من الإهدار ورعاية حقوق المواطنين من عبث هذه الفئة المريضة !! من صور عشاق الدعايات والفرقعة الإعلامية سنجد بعض المؤسسات التعليمية تتربع على قمة هرم هذا النمط ، لا فرق فيها بين مدرسة ابتدائية أو جامعة فالكل سواء ، ففي إحدى جامعاتنا تم صرف آلاف الريالات لتوفير كميات من الزهور لوضعها أمام منصة المسئولين في الوقت الذي تحتاج بعض أهم مرافق الجامعة إلى قليل من تلك الأموال لكن يعتذر عن عدم إمكانية توفيرها !! وفي مؤسسة حكومية أخرى يتم إشغال الموظفين بإعداد خطط وبرامج ومشروعات ورصد آلاف الريالات لها ، لا لتوفير خدمة أفضل للمستفيدين وتيسير أمورهم وإنما لتضخيم صورة المسئول أمام من هم أكبر منه ومن ثم ليحصل على مزيد من المميزات والمكاسب الشخصية البحتة دون النظر إلى المصلحة العامة أو الأداء الأفضل لهذه المؤسسة !! وقد تكون بداية هذه الآفة الخطيرة منذ سني الطفولة المبكرة حيث الدلال المفرط وحيث ملاعق الذهب ورضاعاته ترتمي على أقدام الصغار الذين يتم تربيتهم في بيئة ترتفع فيها سحب النفاق والتطبيل والتزمير ، حتى إذا بلغ الصغار مبلغ الرجال يظنون أن الحياة كلها لابد وأن تكون مثلما هي في البيت ، ولذلك نجدهم يتوقعون التصفيق والتهليل في كل خطوة يخطونها وكل التفاتة يلتفتونها يمنة ويسرة ، وأن الجميع لابد أن يقف لهم إجلالا وإكبارا ولو كان أكبر منهم سنا وأكثر فضلا وكرما وعلما ، ويغفلون أو يتغافلون أنهم مجرد بشر كغيرهم لا فرق بينهم وبين الآخرين من حولهم ، لكنهم رضعوا الكبر والعجرفة والغرور منذ نعومة أظافرهم ولذلك فإنهم يرون من الواجب على كل من يحيط بهم تعظيمهم وتقديسهم ولا مانع لديهم إن وضع على رؤوسهم تاج الطهارة والعصمة والعظمة ، وكل هذا على حساب المصلحة العامة والمال العام !!!