إن الحوار الهادف والبناء الذي يعود لمصلحة الوطن والمواطن سنة حميدة سنّها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، حتى نادى بها عالمياً عن طريق حوار الأديان، فالحوار سمة الإنسان المؤمن والمسلم للوصول إلى الهدف المنشود والراقي للوصول بالمجتمع إلى أرقى المستويات في شتى الأمور الدينية والدنيوية والاجتماعية وحتى التجارية. وقد فُعِّلَت مجموعة من الحوارات، وشُكِّلت لها لجان، وأُنشئت مقرّات لهذا الغرض، وقد نُوقشت أمور كثيرة تهم الوطن والمواطن بفئتيه (الذكوري والأنثوي)، وكذلك المجتمع بكافة شرائحه، إلا أننا لم نتطرق في حواراتنا إلى المفهوم الأساسي لآلية وطبيعة عمل وأداء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب النصوص الدينية في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.وما حثني لكتابة مقالي هذا ما يُنشر في بعض الصحف المحلية من حوادث تقع ما بين المواطن أو المقيم وبعض رجال الهيئة، مما ولّد لدى الأغلبية أن مفهوم عمل الهيئة هو مراقبة الناس فقط لاغير، وأن بعض منسوبي الهيئة يُفسِّرون تواجد أي رجل وامرأة أي كانت نوع القرابة بينهما وفي أي موقع يتواجدون فيه (في السيارة أو المطعم أو المقهى أو البر أو الشارع) يعني أن هناك خلوة غير شرعية، وعليه يتم التوقيف بمقر الهيئة حتى يثبت عكس ذلك، فليس من المعقول أن أكون في سيارتي أو في مكان عام ومعي امرأة قد تكون أختي أو أمي أو زوجتي أو ابنتي ويقوم بعض رجال الهيئة بمطاردتي أو إيقافي في أي وقت كان، أو أناس يدعون أنهم من الهيئة ويطالبونني بالنزول أنا ومن معي، ولا أعلم إن كانوا من منسوبي الهيئة أم لا، ناهيك عما يحدث في تلك الأثناء من مشادات وخلافه. أليس مفهوم عمل الهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأركز هنا على المنكر (هو النهي عن العمل المنكر العلني والفاضح الذي يسيء إلى المجتمع)، أليس الغش التجاري والتلاعب بالأسعار منكر، أليس المتاجرة بالبشر منكر، أليس التلاعب وتعطيل مصالح المواطن والمقيم منكر..؟! المشاكل والحوادث والقصص والقضايا كثيرة حول هذا الموضوع حسب ما يُنشر في كثير من الصحف والمواقع الإلكترونية. ومما تقدم فإني أناشد معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ الظهور عبر وسائل الإعلام لشرح المفهوم الأساسي والآليات لعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتوعية كافة طبقات المجتمع بكل شرائحه وأطيافه، حتى تكون علاقة المواطن برجل الهيئة علاقة ود وتعاون وبناء.. وكذلك التأكيد على رجال الهيئة الموقرين بالتعامل مع المواطن والمقيم بالتي هي أحسن. وكل ما قصدته في مقالي هذا هو الحوار بالأسلوب الهادف البنّاء، ومحاولة إقامة علاقة ود بين المجتمع ورجل الهيئة وفقاً للتغيرات الاجتماعية الحديثة مع التمسك بالثوابت الأساسية التي شرعها الله سبحانه وتعالى.. والله الهادي إلى سواء السبيل. توفيق عبدالحميد دهلوي – جدة