لعل الصورة النمطية والذهنية التي يختزلها المجتمع عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست إيجابية. ولعل الهدف من وجود مثل هذه الهيئة في المجتمع ليس واضحا للكثيرين، بما في ذلك بعض رجال الهيئة أنفسهم. وقد تراكمت القصص والروايات (السلبية) بوجه خاص عن الهيئة، لتعزز الصورة النمطية وتزيد الهدف ضبابية، فوصلت العلاقة إلى نقطة أشبه بالجفاء المتبادل بين المجتمع والهيئة. علما، أن الدور الذي تقوم به الهيئة، لا يفترض أن يتعارض مع القيم السامية للمجتمع. فإذا كان هدفها هو تحقيق اسمها: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فمن منا يرفض الأمر بالمعروف؟، ومن منا يرفض النهي عن المنكر؟. المشكل الحقيقي في هذه الخلافات بين المجتمع ورجال الهيئة، هي تجاوز الصلاحيات: فكريا وتطبيقيا، من كلا الطرفين؛ المجتمع والهيئة. فبعض أفراد المجتمع لا يعرفون أين حدودهم ليقفوا عندها، وبعض رجال الهيئة لا يعرفون أين حدودهم ليقفوا عندها. الثقة الملكية التي منحها رجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأول في هذا الكيان الكبير، خادم الحرمين الشريفين، للشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ بتعيينه رئيسا لهيئات (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فيها دلالة عالية على التوجه الجاد لترميم العلاقة بين الهيئة والمجتمع. المطلوب هو أن يكون لهيئة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر تفاعل حقيقي داخل المجتمع. والمقصود بالتفاعل الحقيقي هو أن تعرف الهيئة كيف تتعامل مع المجتمع من مبدأ الرسالة السامية التي تقوم بها، وتنشط وتجدد معلوماتها بما يتواكب مع متطلبات العصر الحديث، من قواعد وأنظمة وقوانين محلية وعالمية، ثم توعي المجتمع بما تقوم به، وتفتح بابا للحوار بينها وبين أفراده. رجاء نرفعه إلى رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، وبعد الثقة الملكية التي منحه إياها خادم الحرمين الشريفين وهو أهل لها ، أن يعمل على ترسيخ خطوطه الأساسية التي قالها وصرح بها في الأمس لهذه الجريدة: (الأمر بالمعروف بالمعروف، والنهي عن المنكر بلا منكر). فلو تحقق ذلك، لسارت جهود الهيئة والمجتمع بكل أطيافه وشرائحه، في طريق واحد.