ظل الدكتور محمد البرادعي وطنيًا مصريًا صادقًا وأمينًا ومحبًا لبلده وعقيدته الإسلامية قبل أن يحوز جائزة نوبل وبعدها. ولم يكن غريبًا أن يستقبل البرادعي استقبال النابغين المشرفين لبلدهم العربي وأمتهم الإسلامية. وكان ما كان وتكلم البرادعي منتقدًا الفساد في مصر ومطالبًا بالتحرك السريع واتخاذ خطوات جادة للتغيير والإصلاح. هنا تحول الرجل الوطني إلى عميل أمريكي صهيوني إيراني كاره للعرب ومتنكر للإسلام! والحق أن المشروع القومي لهدم البرادعي حقق في عهد مبارك الأب ومبارك الابن نجاحًا هائلًا على جميع المستويات بما فيها المستوى الشعبي حيث تكونت جماعات «مش عاوزينك» وائتلافات «إلا البرادعي». في المقابل حصد الدكتور أحمد زويل على «نوبل» فاستقبل وما يزال استقبال الفاتحين، وعومل بما يليق بشخصية علمية عالمية فذة.. ورغم تخصص الرجل في «الليزر» فقد بالغ الحكام الجدد في الاهتمام بنظريات وأطروحات وحلول زويل السياسية.. شيئًا فشيئًا أصبح في مصر المحروسة، من يبشرون بزويل رئيسًا ليس للمدينة العالمية وإنما لمصر كلها. شيئًا فشيئًا أصبح «التعاطي» مع البرادعي من المحرمات ومع زويل من المباحات بل من المقدسات.. فالأول عميل لأمريكا والآخر خبير لمصر! والغريب أن الناس تعرف جيدًا أن البرادعي مصري الأصل والهوى والجنسية والزوجة وأن الآخر أمريكي بحكم الجنسية، وقريب من البيت الأبيض بحكم كونه أحد المستشارين الحاليين للرئيس باراك أوباما «وهذا بطبيعة الحال لا يعيبه ولا يقلل من قيمته ولا وطنيته». لقد تصدى البرادعي للفساد والمفسدين في عهد مبارك.. فلما قامت الثورة ظن كثيرون أن الحكام الجدد سينصفون الرجل ويبرؤنه من تهم العمالة والخيانة لكن شيئًا من ذلك لم يحدث! المجلس العسكري الحاكم صامت بل ربما يكون راضيًا عن استمرار المشروع القومي لهدم البرادعي. والإخوان المسلمين الحاكمين صامتون ويمتنعون عن الدفاع عن البرادعي علهم يستخدمونه كورقة سياسية فيما بعد. الأكثر عجبًا أن تستمر تهمة عمالة البرادعي لأمريكا، فيما نام النظام السابق في حضنها 30 عامًا، وما زال النظام الحالي يتعامل معها ويحبها في السر ويشتمها وينظم المظاهرات حول سفارتها في العلن!. والأكثر إيلامًا أن يصمت المرشحون لرئاسة مصر عن حرق البرادعي، على أمل أن يليه حرق أبوالفتوح ليبقى العوا وحمدين وأبوإسماعيل.. ثم حرق العوا ليبقى حمدين وأبوإسماعيل.. ثم حرق حمدين ليبقى أبوإسماعيل.. ثم حرق أبوإسماعيل من أجل أن تعيش مصر.. ثم حرق مصر من أجل «الزعيم»!.