تعد التكنولوجيا من أبرز سمات التقدم العلمي في عصرنا الحديث، فقد اقتحمت حياتنا اقتحامًا، وأحدثت بالغ الأثر على حياة المهتمين بها، والتطور المتلاحق الذي نشهده يومًا إثر يوم في كل مجالاتها ضاعف حجم الإقبال عليها بشكل منقطع النظير، وما تقدمه من البرامج جعلت المتابع لها في حيرة من أمره أيها يختار. ونحن نعلم أنه لكل أمر مستحدث كفتان إحداهما إيجابية والأخرى سلبية، ولكن تبقى كيفية تعاطي الناس مع كل المستجدات هو الفيصل الذي يرجح إحدى الكفتين على الأخرى. انشغل الناس هذه الأيام على اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية ببرامج المحادثات المتمركزة في الماسنجر والفيسبوك والسكاي بي، ومن أكثرها شيوعًا وتداولًا بين أيدي الناس اليوم برنامج الويتس أب استحلى المتحدثون العامة منهم والخاصة التسمر أمام شاشات الكمبيوتر، وتحولت أصابعهم إلى آلات تصول وتجول فوق أحرف وأرقام هواتفهم النقالة، حتى تغير الحال لدى البعض منهم من التعود إلى السمة.. شغل الوقت والتسلية بالغير وعلى الغير.. لا غير، في أي مكان وتحت أي ظرف. لم يدرك بعض من أساء استخدام هذه الخدمة أنه خلط صالحها بطالحها المستهتر فأساءوا إلى أنفسهم قبل أن يلحقوا الضرر بالآخرين. حوّل البعض من مستخدمي برامج المحادثات تلك إلى عملة ذات أوجه عدة قبيحة.. التواصل الوَهِن والتحادث الحَرْفِي الجاف، ومشاعر من الغضب والفرح والحزن والحب تلبستها أيقونات عمياء. إن الاستهلاك الشره في استخدامها والتعاطي معها على أنها وسائل ترفيه وتسلية بدد الهدف منها بين الفائدة والتسلية إلى التسلية البحتة. تواصل ضاع أثره وتأثيره وتشعّب حتى طال مظاهر الحياة الاجتماعية والفردية، فاتسعت على إثره الهوة بين المجتمعات وزادت عزلة الفرد عن ذويه ومجتمعه. وانحسر التواصل الفعلي بين الناس في مساحات مكتظة بالأسماء والرموز، وفضاء من الأحرف لا سماء له ولا أرض ولا حد. مرصد.. ما زال البعض منّا يفتقر إلى الإدراك والوعي، والتفريق بين ما يصح وما لا يصح، ومتى ما وعى ذاك البعض وأدرك واستطاع أن يميز الصالح من الطالح في شؤون حياته وتعاملاته وسلوكه، فهم بخير.. هم بخير.