قلبت الجلسة الافتتاحية لملتقى المثقفين السعوديين الثاني الجو الصباحي البارد المخيم على مدينة الرياض إلى جو ساخن داخل أروقة القاعة التي أقيمت عليها الجلسة، وذلك بعد أن أصر الدكتور هشام عباس (أخصائي المكتبات) على إكمال حديثه بينما رئيس الجلسة يقاطعه لانتهاء الوقت، وقال في حديثه: هذا الملتقى فرصة لنا كمهتمين بالمكتبات والمعلومات أن نرفع أصواتنا في هذا اليوم لكي يسمع الجميع ماذا نقول، فمنذ عام 1402ه ونحن نتحدث في موضوع المكتبات العامة في المملكة ووضعها وكيفية تطويرها وعن الثقافة وثقافة الطفل، وقد مللنا الحديث عن هذه الجوانب، بل إن هناك الكثير من التوصيات والدراسات التي قدمت لتطوير هذا الجانب ولكن لم يؤخذ منها بشيء. وأضاف: نحن لا نريد مباني أو موظفين لا يؤدون أعمالهم كما ينبغي منهم أو لا يفقهون أهمية أعمالهم، فلا يوجد إلى اليوم مكتبة تقوم بدورها الجيد، وأظن أن أهم الضروريات لهذا الملتقى هي أن تراجع الوزارة وضع المكتبات، وأن لا تخرج فقط بالتوصيات وتُترك دون تنفيذ. وكان أمين عام مركز الحوار الوطني فيصل بن معمر قد افتتح هذه الجلسة للملتقى بمركز الملك فهد الثقافي صباح أمس، والتي كانت تحت عنوان «المكتبات العامة»، وقال: بخصوص المكتبات العامة وخاصة في المملكة فأود أن أطرح بعض التساؤلات المهمة التي آمل أن تجد صدى مستقبلاً.. لماذا ظلت المكتبات عاجزة عن توفير كل ما ينشر من اختصاصات الباحثين والإلمام بمستجدات بحوثهم العلمية واستفادة المكتبات ومراكز المعلومات من التطور العملي والتقني السريع وآمل أن نجد إجابات شافية ووافية لمثل هذه التساؤلات. عقب ذلك ألقى الدكتور هشام عباس ورقته وكانت بعنوان «دور الخدمات السيارة في تعزيز التواصل الثقافي بين الأمم في الألفية الثالثة» أثار فيها تساؤلاً كبيرًا حول قدرة المكتبات في العالم العربي الاستفادة من التقنيات التي تطورت في الفترة الأخيرة، لتحقق التواصل الثقافي المطلوب، مشيرًا إلى أن المكتبات المتنقلة باتت نقطة تحول في التواصل العلمي والثقافي بين المجتمعات خصوصا النائية منها. وامتدح الدكتور عباس المكتبات المتنقلة ووصفها بالنامية في العالم العربي، ممتدحًا عددا من المشروعات المكتبية المتنقلة في العالم. عقب ذلك ألقت الدكتورة فاتن سعيد بامفلح ورقتها وكانت بعنوان»خدمات المعلومات في المكتبات العامة السعودية» وانتقدت فيها خدمات المعلومات المقدمة في المكتبات العامة التابعة لوزارة الثقافة والإعلام، وقالت: هناك خدمات رئيسية يقتصر تقديمها على نسبة من المكتبات دون غيرها على الرغم من أهميتها، مشيرةً إلى أن مبدأ تكافؤ الفرص يغيب في هذه المكتبات، وأن نسبة كبيرة من المكتبات العامة تعيش في معزل عن التطورات الحديثة في التقنية وتوظيفها وهذا الأمر غير منطقي وغير مقبول في العصر الذي تسعى فيه الدولة نحو مجتمع المعلومات وتقليص حجم الفجوة المعلوماتية. وأوصت بامفلح في ورقة عملها بتقديم خدمات المعلومات بفعالية ونجاح على عدة عناصر تتكامل مع بعضها البعض منها مصادر معلومات جيدة ومتنوعة تتفق مع احتياجات المستفيدين، وتنظيم المعلومات، وأخصائيو معلومات أكفاء ومؤهلون للعمل على تنظيم المعلومات وإتاحتها للمستفيدين، وبيئة ملائمة لتقديم الخدمات تتمثل في المبنى والقاعات وواجهات المستخدم للنظم الالكترونية، وميزانية كافية لتعزيز وتقديم الخدمات والحرص على تطوير مباني المكتبات والاهتمام بتوفير تقنيات المعلومات وشبكة الإنترنت وتحقيق التعاون بين المكتبات العامة. عقب ذلك ألقى الدكتور راشد القحطاني ورقته بعنوان «تشريعات المكتبات العامة في المملكة العربية السعودية: دراسة نظرية» فقدم نبذة عن ارتباط الكتاب الإسلامي في مراحل مختلفة بالمكتبات بوصفها وسيلة لحفظه وإتاحته وانتشاره، ثم تطرّق إلى تعريف المكتبة العامة. وقد تنوعت المداخلات في الجلسة، وعلّق في البداية الدكتور محمد آل زلفة على أهمية الخروج من هذا الملتقى بتوصيات واضحة لكل مواطن ومواطنة بأن الكتاب سوف يصل إليه في قريته أو مدينه أو إلى كل مكان، مبيناً أن ما ذكرته الدكتورة بامفلح يمثل صورة قاتمة عن المكتبات العامة في بلادنا وتناقض قوانين اليونسكو نتمنى أن يتطور ويتغير للأحسن في المستقبل. فيما أشارت سارة البلوي إلى ضرورة انتقال خبرات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة إلى جميع المكتبات بشكل عام لأنّ جهودها تمثل جهود الوزارة ولأن عدد المكتبات في المملكة يبلغ ثمانين مكتبة ولكنها تعاني أشد المعاناة. فيما رأى الدكتور محمد الربيع أن المكتبات العامة تشكل هم ثقيل وتركه متعبة لوزارة الثقافة والإعلام عندما نُقلت إليها. وقالت أسماء العبودي: لا توجد مكتبات مدرسية، وقال الدكتور يوسف العارف: أريد التذكير بمكتبات الأحياء في مراكز الأحياء فهي نوع من أنواع التطور للمكتبات المتنقلة بالسيارات، فيما عبّرت الدكتورة ملحة عبدالله عن أسفها بأنها باحثة مسرحية وتواجه مشكلة في الحصول على بعض المعلومات عن المسرحيات السعودية منذ عام 1935م، حيث لا يمكن الحصول على جميع المسرحيات السعودية. وعبّرت الدكتورة عائشة حكمي بقولها: نتمنى أن ترتبط المكتبات في المملكة ببعضها البعض وأن تتبادل الخبرات، وتتبادل الكتب والإصدارات. وفي الجلسة الثانية أمس تحت عنوان «العلاقات والاتفاقيات الدولية»، طالب المتحدث الأول في الجلسة الدكتور إبراهيم الشدي بوضع تصور وخطة عمل واضحة ضمن استراتيجية المملكة الثقافية تهدف إلى تعزيز مساهمة القطاع الثقافي السعودي بكل مجالاته وفنونه في الحراك الثقافي الدولي والإقليمي. فيما رأى الدكتور أبو بكر باقادر في ورقته التي قدمها بعنوان «تجربة وكالة وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية» أن إقامة أسابيع ثقافية في الخارج تشمل عناية المملكة بدورها الإسلامي.وقدم وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية الدكتور يوسف السعدون ورقة عمل بعنوان «تجربة المملكة في العلاقات والاتفاقيات الدولية»، وأوصى بعدة توصيات، منها: وجوب تعزيز المملكة من حضورها المستمر في المشهد الدولي وذلك لأن العالم أصبح قرية كونية صغيرة، ونجاح أي مسار أو عمل يكون بمدى وضوح رؤيته وسياق استراتيجيته التي تنصها المؤسسة المسؤولة عن التعاون الدولي، والعبرة في العمل الثقافي الدولي ليس بالكم بل بالكيف. وشارك عدد من حضور الجلسة بعدد من المداخلات، فقال الدكتور مسعد العطوي: هل فعلا تمثل الملحقيات الثقافية تصورا للثقافة السعودية وفكر شعبها؟ وفي مداخلة للدكتور محمد آل زلفة قال فيها: يجب التعريف بالثقافة السعودية من خلال الشباب والشابات فهم مستقبل الوطن، منوهًا بأن جامعاتنا في وضع لا يسر ويجب إعادة النظر في استراتيجياتنا الثقافية والفكرية وإنتاجنا الفكري لنباهي به الآخرين. فيما أشارت الدكتورة سمر السقاف إلى أن هناك الكثير من الاتفاقيات المختلفة من عدة وزارات سعودية كالتربية والتعليم والثقافة والإعلام وغيرها إلا أن مصادر المعلومات لا أثر لها في المشهد مما يعوق العمل بشكل جيد. وقال الدكتور عبدالله البريدي في مداخلته: نشر الثقافة بشكل فردي غير مؤسساتي يجب أن يعزز في المشهد الثقافي الدولي للمملكة.