على الرغم من الشكاوى المتكررة من حالات نصب واحتيال عديدة في مراكز ومعاهد التدريب المختلفة حتى أصبحت مهنة من لا مهنة له، يؤكد البعض الآخر أن الدورات التي تقدمها هذه المراكز نجحت في تحقيق الكثير من أهدافها. ويذهب طرف ثالث في مقابل ذلك الى القول بأن عرابي هذه الدورات من الذين يدعون حصولهم على البورد الامريكي واعتماد المجلس البريطاني لا يمثلون أكثر من دكاكين ومحلات تجارية في دولهم. وتنقسم آراء الشباب تجاه هذه المعاهد ففي حين يرى البعض ان حضور هذه الدورات مهم للغاية بالنسبة لهم يذهب فريق اخر الى القول بانها وسيلة للحصول على المال بأي طريقة كانت. ويرى القائمون على هذه المراكز أنهم يواجهون صعوبات كبيرة تتمثل في الضوابط المشددة للرقابة وزيادة الرسوم وقلة المدربين المتخصصين. في البداية يقول الشاب مازن مغربي: حضرت عددا كبيرا من الدورات التدريبية واستفدت منها بصورة كبيرة، مشيرا الى وجود عدد من المدربين يتميزون بإيصال المعلومة للمتلقي لهذا أسعار دوراتهم مرتفعة في ظل الحضور الكبير. وأشار إلى أنه لم تمر عليه أي حالة نصب أو احتيال من المراكز التدريبية فهم يختارون مكانًا مميزًا لإقامة الدورات، بالاضافة إلى مدربين مميزين ومن يقعون ضحايا عمليات نصب فضلوا قلة السعر للحضور عند مدربين غير أكفاء. نصب واحتيال ومن جهته قال يوسف الشمراني إن غالبية هذه الدورات استنزاف للجيوب وسرقة أموال الناس, وأغلبها ينشر الباطل في المجتمع كبرامج البرمجة اللغوية العصبية والحرية النفسية وغيرها من البرامج، وذلك باستخدام كلمات رنانة لاجتذاب المتدربين الذين يجدون بعد حضور الدورة أنها حبر على ورق ليس إلا وطالب الجهات المسؤولة عن التدريب بزيادة الرقابة على المعاهد وتقنين العملية حتى لا يقع المواطنين ضحايا لهم. أما شامل بخاري قال: وقعت ضحية نصب من أحد المراكز العاملة في مجال التدريب، فبعد ان رأيت إعلانًا في أحد مواقع الإنترنت عن حضور مدرب عالمي في مجال البرمجة اللغوية العصبية قمت بالتسجيل في الدورة ودفعت 3000 ريال, وعند وصولي للمكان في الموعد المحدد لم أجد المدرب أو حتى مسؤول من المركز التدريبي, وكل ما وجدته ورقة مكتوبا عليها تم تأجيل الدورة ولم أجد أحدًا يعيد لي مالي الذي دفعته وعند مراجعتي للجهة المسؤولة أكدوا لي أن المعهد غير معتمد في سجلاتهم. مجلس عالٍ للتدريب من جهته وصف المدرب ورئيس قسم الدراسات العامة بكلية ينبع الجامعية الدكتور صلاح معمار ما يحصل الآن في مجال التدريب ب «فوضى التدريب» نتيجة عدم اعتماد وتأهيل الكثير منهم. وأضاف أن المعاهد تقدم دورات في عدد كبير من المجالات تارة تجده في مجال المال والأعمال وتارة أخرى في التنمية البشرية ومرة ثالثة في الجانب التربوي, حتى أن الجهة التي ترعى التدريب «المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني» غير مؤهلة, كيف ترعى المؤسسة دورة نفسية ومالية وتربوية وهي في الأصل جهة فنية ومهنية؟ ووصف معمار الحال بأنه «شيء مضحك» منوهًا إلى أن التدريب أصبح مهنة من لا مهنة له, والدليل على ذلك أن اي مهنة لا يوجد لها مراكز او جهات معتمدة أكاديمية او رقابية. وقال معمار في الماضي أهملت المؤسسة عملية التدريب، وأدى ذلك الى ان اصبح عدد المراكز يفوق المراكز التجارية وبعد صدور القوانين الجديدة أغلقت كثيرا من المراكز وبعضها اختار الطريق السهل وهو رفع الأسعار لتحقيق اشتراطات المؤسسة والبعض آخر استغل ارتفاع الأسعار فلجأ الى تقديم دورات سيئة ومدربين غير اكفاء وبنفس الأسعار الغالية التي تقدمها بعض المراكز الاحترافية. وفي إجابته على سؤال بشأن الجهة التي تعتمد المدربين قال معمار: من يقل ذلك هو مدرب يجتمع بمجموعة من الناس خلال اسبوعين وفجأة يقول كل هؤلاء مدربين، ومعظمها إن لم يكن جميعها بترخيص لشهادات تجارية لمؤسسات وعضويات اجنبية ومعظم هذه الشهادات ل « دكاكين و محلات «في أمريكا وبريطانيا, مثل ترخيص البورد وغيره. وعن الحلول لتعديل حال التدريب في المملكة، دعا الى تفعيل دور التعليم المستمر في كل جامعة ليكون هو المسؤول عن تقديم الدورات التدريبية بإشراف اعضاء هيئة التدريس وبشهادات معتمدة من الجامعات. وطالب بتأسيس مجلس عالٍ للتدريب يضم في عضويته اصحاب العلاقة مثل وزارة التعليم العالي ممثلة في «مراكز التعليم المستمر وخدمة المجتمع»، ووزارة التربية والتعليم «ممثلة بمراكز التدريب التربوي», ومعهد الإدارة العامة, ووزارة الشؤون الاجتماعية والتعليم التقني والمهني ووزارة الصحة ممثلة في «شؤون التدريب». واستغرب اصدار المؤسسة الان اصدار تراخيص لدورات صحية ونفسية وتجارية وهي في الأصل جهة مهنية وتقنية. ومن جهته قال مدير عام المحترفين للتدريب والتنمية سراج محمد مليباري ان المعاهد التدريبية في تناقص تدريجيًا بعد الضوابط التي وضعتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني للمعاهد والتي تتعلق بصعوبة الحصول على التراخيص اللازمة. ودعا المؤسسة لأن تقوم بدورها الرقابي على المعاهد والمراكز التدريبية بعد إصدار التراخيص بما يختص ب «جودة التدريب»، خصوصًا أن بعض المعاهد تقدم دورات ليست بجودة عالية أو مدربين اكفاء وحتى نتفادى هذه المشاكل يجب وضع معايير للبرامج التدريبية ولاختيار المدربين، وبين مليباري أن رسوم الدورات ليست مرتفعة خاصة أن تكاليفها عالية ولا بد أن أقوم بتغطيتها مع قليل من الربح، كما ان المعهد يدفع رسوما عالية لاعتماد الدورة من المؤسسة تتراوح بين 2000 ريال و15 الف ريال، بالاضافة إلى 100 ريال على تصديق كل شهادة. نائب رئيس اللجنة الوطنية: راتب المدرب قد يصل إلى 10 آلاف ريال اكد نائب رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي والتدريب بمجلس الغرف التجارية بالمملكة الدكتور أيمن تونسي وجود تصنيف للمعاهد المتواجدة في السوق، مشيرا الى ان بعضها يقدم مستويات عالية وهي قليلة، يليها المعاهد التي يعتبر أصحابها من «المجتهدين» وهؤلاء يبذلون جهدهم ووصلوا لمراحل معينة لن يفوقوها، وهناك المعاهد المتوسطة، وهم في المنتصف بين الجودة والتجارة، اما القائمون في المراكز والمعاهد الدنيا هؤلاء يسمون ب «تجار الشنطة» عملهم تجاري بحت وهذه المعاهد لا تستمر في العادة لانهم يجدون الربح في أنشطة أخرى أكثر من معاهد التدريب. وأرجع ارتفاع تكاليف الدورات التدريبية لعدد من الأسباب أهمها أن العملية التدريبية تعتمد على الحقيبة التدريبية والمدرب الذي يقوم بالتدريب، بالاضافة للعنصر الأساسي لانجاح الدورات التدريبية وهو التسويق وعندما يقوم المركز بتنظيم دورة ما، هناك مصاريف تشغيلية منها الضيافة والتسويق ومكان انعقاد الدورة، بالاضافة إلى اجور المدربين العالية، وعلى سبيل المثال مصاريف التشغيل لدورة ما تصل تكاليفها الى 40 الف ريال مع توقعات بتسجيل 20 فردًا في هذه الدورة، وهذا يعني أن يدفع الفرد 2000 ريال حتى أغطي مصاريف التشغيل فقط، وربحي هو ما يزيد على هذا المبلغ، بالاضافة إلى ان المدرب يحصل على 2000 ريال وقد تصل إلى 10 الآف ريال لليوم التدريبي الواحد، وهذا لا يعني أنهم لا يستحقون تلك المبالغ وعن حالات النصب والاحتيال التي تحصل من بعض المعاهد التدريبية على المتدربين قال التونسي أي مركز تدريب يحترم نفسه لا يقوم يخداع المتدربين وإن حصلت مشاكل في الدورة ولم يعد المركز المبالغ المالية لأصحابها يستحق الشطب بالاضافة إلى شطب الترخيص، ونحن كمركز ازدهار وضعنا نظام «ضمان الجودة» لمعظم الدورات، بمعنى أن الشخص الذي يحضر الدورة، ولم يستفد يعاد له المبلغ الذي دفعه كاملًا. كما ان المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني تقوم بانصاف المتدرب لو وقع عليه ظلم من أي معهد أو مركز تدريبي وبسرعة لا تزيد على أسبوع. وعن قبول الشهادات التي تصدر من المراكز التدريبية في ديوان الخدمة قال الشهادات انواع الأولى الدورات اقل من 60 ساعة وتسمى تطويرية وهذه لا يقبلها الديوان مع أن هناك دورات تطويرية تكسب المتدرب مهارة عالية والثانية دورات تاهيلية لأكثر من 60 ساعة، وهي التي يقبلها الديوان، وصندوق الموارد البشرية كذلك. وعن عدم معرفة الناس بهذه الأنظمة قال التونسي ان كان الشخص لا يعرف حقوقه وواجباته هذه مشكلته هو، وبالنسبة لي كمركز تدريب، انا لن أعقد له الامور وأخبره أن هذه الدورة معتمدة أو غير معتمدة في الديوان، كمركز تدريبي افترض ان المتدرب يعرف حقه ومن المفترض أن يعرف. وأكد عدم عقد دورات مختلطة بين الرجال والنساء، أما أن تكون هناك دائرة تلفزيونية أو حاجز بين الرجال و النساء، ومثل هذه الدورات تقام بعد الحصول على تصاريح معينة من الامارة والمؤسسة، منوهًا إلى أن لصناعة التدريب اعباء كبيرة، ويمكن للفرد لو بذل نفس الجهد في صناعة اخرى بنفس رأس المال يكون العائد اكبر بكثير من منظور تجاري. وأضاف ان اصحاب الرسالة هم العاملون الآن، ومن يفكر انه لو استثمر مليون ريال في مركز تدريب ويعتقد أن العائد كبير لن ينجح نهائيًا. الزهراني: عدم اعتماد المدربين أبرز المخالفات من جهته قال رئيس مجلس التدريب التقني والمهني بمنطقة مكةالمكرمة الدكتور راشد بن محمد الزهراني يتم تحديد رسوم الدورات عن طريق المعاهد والمراكز وفق مدة وطبيعة الدورة، ولكن بصفة عامة أسعارها متقاربة، مشيرا الى ان المخالفات التى يتم ضبطها بشأن الاختلاط في بعض الدورات تحال الى الجهات الرسمية. وأشار إلى أن الرسوم المقررة للدورة الواحدة وتبدأ بألفي ريال تدفع لمرة واحدة طوال فترة الرخصة سنوات. ولفت الى ان أبرز المخالفات التي تم رصدها هي وجود مدربين غير مختصين ومعتمدين، او عدم اقرار الحقائب التدريبية أو وجود الاختلاط بين الجنسين أو التقصير في تأمين أو صيانة التجهيزات التي تحتاجها بعض الدورات. ولا يتم إغلاق هذه المراكز أو المعاهد إلا بعد استنفاد جميع الطرق لإصلاح ومعالجة هذه المخالفة ثم تطبيق العقوبة عليه بالتدرج (إنذار إيقاف إشراف إلغاء رخصة) ونوه بالدور الكبير الذي تقوم به إمارة منطقة مكةالمكرمة ومحافظة جدة حيال تصحيح وضع المنشآت التدريبية الأهلية والتوجيه بإغلاق مقرات المعاهد التي لا يوجد لها رخصة تدريب من المؤسسة، بما يضمن حماية المواطنين أو المقيمين الذين يقعون ضحية مخالفات تلك المنشآت.